facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




صرنا فرجة .. يا أبي .. ؟


31-10-2007 02:00 AM

تعقيبا على دعوة المسيحيين للاستفادة من "التجربة اليهودية". وقف دريد لحام "غوار" على خشبة المسرح في أكثر من دولة عربية في ثمانينات القرن الماضي، في مسرحية "كاسك يا وطن"، وراح يخاطب والده في "دار الحق" ... ثملا، مترنحا على الخشبة ... قائلا عن أمة العرب ... "صرنا فرجة يا أبي "! ولا ينقصنا شيء على الإطلاق إلا "شوية كرامة ". فصفقت له الجماهير، منهية ساعات من الضحك المبكي ، أو الضحك من صعوبة البكاء.
هجمت هذه اللقطة على مخيلتي ، وأنا أقرأ الكثير من التعليقات عن المسيحيين العرب، منها العلمي والمتفائل ( فكم من أبحاث جامعية صارت مثل الموضة في الحديث عن المسيحيين العرب ) ومنها المضحك المبكي ، كحال مقال الكاتب العراقي "خضير طاهر " في إيلاف 26\10\2007 . فتحت عنوان " لماذا لا يستفيد المسيحيون من تجربة اليهود"؟ أكد الكاتب ما قاله في مقالة له سابقة دعا فيها إلى رحيل المسيحيين من البلدان العربية في هجرة لا رجعة لها ... وها هو اليوم يدعو إلى " استفادة " العرب المسيحيين من "التجربة اليهودية " في الصبر على ما يعانونه من اضطهاد يزداد يوما بعد يوم . فيقول: " لماذا لا يستفيد المسيحيون من تجربة اليهود الذين عاشوا في البلاد العربية وصبروا على الاضطهاد الديني والتمييز العنصري من دون وجود أمل واقعي بتحسّن الأوضاع السياسية وشيوع روح التسامح والتعايش، وتطبيق مبدأ المواطنة والمساواة للجميع...؟ ثم دفع اليهود ثمن صبرهم باهظاً اذ تم مضايقتهم والاعتداء عليهم وعلى ممتلكاتهم وإسقاط الجنسية عنهم"!
أسلوب ساخر للكاتب، يقرّ ضمنا بوجود "اضطهاد " للمسيحيين في بلدان المشرق، لكنّه لا يتردّد في دعوة المسيحيين ليتحلوا بالصبر " اليهودي" ريثما يسمح لهم بعض المسلمين بنزر من الحقوق وقليلٍ من الحرية الدينية . نحن معه في ان هنالك صعوبات تحيط بهذه الفئة الغالية داخل المجتمعات العربية، لكننا حتما لسنا معه في المقترَحَين اللذين تقدّم بهما واحدهما أسوأ من الثاني.
فمصر التي فيها 10% من السكان أقباطا، لا يملكون مقعدا تشريعيا واحدا . ولا يستطيعون أن "يبدؤوا " بتوسعة إحدى الكنائس في محافظة المنيا ، بدون أن يعترّض أبناء ال 90% فينهالون عليهم، بعد صلاة الجمعة، ضربا وتجريحا .
وفي غزة ، يقتل أحد المسيحيين ، لا لذنب اقترفه سوى لأنه مسيحي، يبيع الكتاب المقدس .
وفي العراق ، يختطف كاهنان، 35 عاما و65 عاما ، ويطالب الخاطفون بفدية مقدارها مليون دولار فقط لا غير . فيما هجر العديد من المسيحيين أماكن سكناهم ، لتعرّضهم للتمييز على أساس ديني، والعودة بهم إلى أيام " الجزية " التي عليهم أن "يدفعوها وهم صاغرون".
وفي لبنان ، تعثر التوصل إلى انتخاب رئيس ماروني، بعد سلسلة اغتيالات طالت شخصيات مسيحية .
ولا حرج هنا من أن نضيف بعض حالات "الزواج المختلط" في الأردن وغيره من بلدان عربية، حيث يجبَر الطرف المسيحي ، وغالبا الفتاة، على تغيير الدين ، في حالات تسمّى الحب والزواج وما يرافقها أحيانا من هجرة قسرية الى الخارج. ومنها حالات انتهت بالطلاق بالثلاث، فلا تستطيع الفتاة العودة إلى دينها الأصلي، فيكتب لها على وثائق الأحوال المدنية " بلا دين " .
وأمام ذلك، صمت مطبق للحكام العرب ، ومقالات خفيفة الظل وخجولة، فيما ينشغل كتاب بما صرّح به كاردينال في الفاتيكان: أن الحوار بين المسلمين والمسيحيين صعب ، بسبب الاختلاف اللاهوتي الأساسي في النظرة الى الكتب المقدسة ، فالمسلمون يقولون بإنزال إلهي للكتاب حرفا وروحا ، والمسيحيون يقولون إنّ الكتاب المقدس كتب بالهام الهي وبأحرف بشرية. فقامت الدنيا ولم تقعد من جراء كلام الكاردينال، وكأنّ الحوار يعني أن تكون متشابها في كل شيء مع " الآخر " الذي تتحاور معه. وما الضير إذا قال أحدهم أنني مختلف "عنك" ، وهو لم يقل إني مختلف "معك"؟ وهل يستحق الكلام عن "صعوبة الحوار" أن يعلن الأزهر عن نيته في وقف كل علاقة مع الفاتيكان؟
وفي غمرة كل ذلك، يطل الكاتب خضير طاهر في مقال "غير طاهر" ويقول : أيها المسيحيون، عليكم بالرحيل إلى الغرب ، زرافات ووحدانا. وان شئتم البقاء ، فعليكم بالتجربة اليهودية ، فهي خير دليل لكم على تعلم الصبر والقبض على الجمر والبقاء إلى أن يحين الوقت الذي فيه تحصلون حقوقكم كاملة غير منقوصة .
هكذا إذن... أصبحنا على حد قول "غوار" فرجة الناس والعالمين. وأصبح أصحاب الأقلام ، الصغيرة والكبيرة، يتبارون في إيجاد حلول ومنافذ لمشكلة العرب المسيحيين ، أو ان شئتم لمشكلة اسمها "عرب مسيحيون". وبعضهم يتوقف عند التسمية ، فهل كلمة "عرب" تسبق المسيحي ، أي ان القومية تسبق الديانة ، أو أن الإيمان يسبق تعبير "العرب" ، لذلك ، وجب وضع " المسيحي ، قبل كلمة العربي... أصبح الكل فنانا في انتقاء الكلمات المنمقة لإيصال ما يريد إيصاله من أفكار براقة، ومشاريع خلاصية.
فهل يحتاج العرب المسيحيون حقا إلى مقترحات مثل الذي يدعو إليه الكاتب خضير ؟
الصليب في المسيحية رمز الخلاص ، ولم يتذمر المسيحيون يوما من صليب ثقيل على أكتفاهم. بل هم يحملونه بفرح وحبور ، شأنهم في ذلك شان أجدادهم في القرون الأولى للمسيحية ، حينما كانت أجسادهم تقدم "ذبيحة" لأفواه الأسود، أو لحدود السيوف ... وجاء من مآثرهم، أن الوجوه كانت باسمة حتى بعد قتلها، مما كان يحير القتلة وجبابرة الرومان.
وشأنهم في ذلك أيضا شأن شهداء الحرب الأهلية في اسبانيا عام 1936، والذين أعلن البابا في الفاتيكان قبل أيام تطويب 498 منهم، هم الذين قضوا ضحية الاضطهاد الديني ، وماتوا وهم يغفرون لقتلتهم، ويصيحون "ليحيا المسيح فينا".
وكم عانى مسيحيو الشرق من تقتيل وإجبار على تغيير ديانتهم، وإذلالهم بملابس خاصة ، لكي يعرف كل من يراهم أنهم من "ملة " المسيحيين. وكان عليهم أن يدفعوا الجزية ، أو يغيروا دينهم، أو يقتلوا بحد السيف ... لذلك تغير حضورهم الديمغرافي ( السكاني) ... فصاروا أقلية يُنظر إليها أنها دخيلة على هذه الأرض ... لكنهم صبروا، ومثالهم في ذلك، ليس اليهود وليس أي صاحب شأن في هذا الوجود، بل مثالهم هو "المخلص" الحامل صليبه والصاعد به إلى الجلجلة ، كطريق تسبق... القيامة والانتصار .
فليس من داع لتقترح أقلام عربية مقترحات مثل ما يدعو اليه الكاتب الطاهر ... دعوا الأقلام العربية تتلهى بمسلسلات رمضان ... المسلية حتى الشبع ... وهم ليسوا بحاجة الى مقترحات في الخروج من ديارهم العربية . واذا أغلقت كل الأبواب في وجوههم ، فلن يلجؤوا الى اليهود ليتعلموا من تجاربهم وجلدهم وصبرهم. سيلجؤون بالأحرى إلى كتابهم المقدس، وفيه يقول معلمهم الأوحد: "لا تَخافوا الَّذينَ يَقتُلونَ الجَسد ولا يَستَطيعونَ قَتلَ النَّفْس، بل خافوا الَّذي يَقدِرُ على أَن يُهلِكَ النَّفْسَ والجَسدَ جَميعاً في جَهنَّم".
كلا ، لا يحتاج العرب المسيحيون... إلى مثل تلك المقترحات...
يحتاجون إلى بعض فترات هدوء، يعودون فيها إلى معابدهم وكنائسهم، يصلون فيها لكي يلهم الرب عقول الصالبين ... وجلادي القرن الحادي والعشرين، طالبين لهم المغفرة، من الرب الغفور، على عودة إلى العصور الجاهلية وفترات الجزية والهوان.
وعلى سيرة "الهوان": ومن يهن يسهل الهوان عليه... ما لجرح بميت إيلام


www.abouna.org





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :