مفارقة أن يطالب ائتلاف العشائر الأردنية للإصلاح بوقف مهرجان جرش عام 2012، بينما ينظّم رئيس وزراء أردني مثل هزّاع المجالي مهرجاناً فنياً في خمسينيات القرن الفائت، ويردّ على أصوات معارضيه المحافظين ، حينها، بكلمة واحدة: ابنتي تشارك في إحدى فعاليات المهرجان ! .
يفوت هؤلاء الإصلاحيون أن مهرجان جرش هذا العام يستضيف مئة فعالية تقريباً، تغلب على تسعين منها أمسيات لشعراء عرب وأردنيين، وعروضاً مسرحية غير تجارية، ومسرحيات أطفال، وندوات فكرية، وحفلات موسيقية لفرق تراثية محلية وعربية وعالمية، وموسيقى جاز وفلامنكو، لا يمكن لأردني أن يشاهدها إلاّ في "جرش".
والجدل الذي يثار حول عشرة ليالٍي لمطربين ومطربات على المسرح الجنوبي، لا معنى له في ظل تنظيم مئات الحفلات المشابهة في فنادق ومطاعم أردنية طوال العام.
وبذلك يمكن القول بثقة أن 90% من فعاليات "جرش" هي ثقافية خالصة، إضافة إلى أن المهرجان يشكل فرصة لتعريف الضيوف العرب والأجانب بالفنانين والأدباء الأردنيين.
واعتراض "الإصلاحيين" على إقامة المهرجان في "وقت تموج فيه المنطقة العربية وتنتفض في وجهِ حكامها الاستبداديين"، هو في غير محلّه، فالعرب يعيشون احتلال فلسطين منذ 64 عاماً، أضيف إليها احتلال العراق وتقسيم السودان، ومهرجان جرش يستضيف، دوماً، فنانين وأعمالاً ملتزمة تنشد الحرية والعدالة والجمال.
الفن من أقدم تعبيرات الإنسان للاحتجاج على ظلم السلطة وجور الاستعمار، والانحياز لهموم الناس، وقد يُنسى حكّام عاشوا حقبة تاريخية، لكن أسماء الفنانين الذين عاصروها تبقى خالدة.
ونتمنى على "خصوم جرش"، الإيمان بأن نجاحهم في إلغاء المهرجان سواء باستصدار فتوى أو إجبار المسؤولين على وقفه، هو إسكات لحق التعبير بالقوة، رغم أنهم يطالبون بإصلاح او إسقاط أنظمة تمارس قوتها في إسكاتهم.
دعوة أخيرة إلى حزب سياسي بعينه لوقف حملاته التحريضية المتواصلة ضد الفن والثقافة، وعدم تأليب الناس المتضررين من سياسات اقتصادية واتفاقية سلام وفساد تتطلب تحركاً أوسع وجهداً بتوعية الأردنيين بها بدلاً من الانجرار وراء تحريض ذلك الحزب.
كفّوا أيديكم عن الفن، ولتخاض المعركة في ميدانها الحقيقي ضد استبداد السلطات وفسادها.
mahmoud1st@hotmail.com
العرب اليوم