في مقالي السابق كتبت أن "التصويت الأمي" يحقق بالنسبة لأنصاره أعلى درجات المصداقية والشفافية في الوعود الانتخابية، غير أن هذه الممارسة لا تخص الأميين الحقيقيين.
قبل حوالي ثلاثة عقود، وتحديداً عام 1984 جرت في الرمثا انتخابات للمجلس البلدي، وقد قررت التنظيمات السياسية السرية أن تخوض الانتخابات، وتمكنا حينها من تشكيل كتلة باسم "كتلة الشباب" ضمت عدداً من الجامعيين بعضهم من الحزبيين، وكانت كلمة حزبيين تشكل في الكلام الدارج رديفاً لكلمة شيوعيين أو بعثيين، واستطاعت الكتلة أن تخوض معركة ذات حضور لافت للناس وللأجهزة الأمنية، وهناك بعض الذكريات الطريفة مع الناخبين الأميين ربما تحمل بعض الدلالات:
الحادثة الأولى: كان احد الناخبين الأميين من كبار السن يدلي بصوته، وكان على الناخب الأمي أن يقف أمام اللجنة وأن يستمع من رئيسها إلى أسماء المرشحين بصوت عالٍ وأن يختار منها ما يريد، وفي حالتنا كان الناخب المشار إليه، كلما ذُكِر أمامه أحد مرشحي كتلتنا يقول: "أُقْلُط عنّه"، بمعنى "إنساه وتجاوزه"، وهو ما شكل فيما بعد عنواناً لبعض التعليقات الفكاهية الشعبية ضدنا.
الحادثة الثانية: أن سيدة كبيرة أمية كانت تدلي بصوتها علناً فاختارت مرشحي كتلتنا بالكامل، وصادف وجود مسؤول إداري كبير أثناء ذلك، فمال عليه أحد الحضور وقال له: إن السيدة هي ابنة أحد شيوخ الطرق الصوفية المعروفين، وهو ما أصابه بالذهول وحفزه لمزيد من "النشاط".
الحادثة الثالثة: أن فريقاً من كتلتنا حاول أن يجرب "الشطارة والتكتكة" سراً مع كتلة أخرى غير مكتملة عن طريق تبادل الأصوات لبعض الأسماء، ولكن أحد كبار السن الأميين من جماعتنا، ومن فرط التزامه معنا، نسي الاتفاق السري، وانتخب أسماء كتلتنا فقط بكل ثقة ووضوح، وهو ما تحول مباشرة الى إعلان تتناقله الألسن بين المقرات بأن هناك خيانة حصلت.
ahmadabukhalil@hotmail.com
العرب اليوم