إنهم يغتالون الثورة .. ولكن
ياسر زعاتره
16-06-2012 04:31 AM
قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في مصر ببطلان قانون العزل السياسي، والذي يعني السماح لأحمد شفيق بخوض جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة، فضلا عن قرارها ببطلان عضوية ثلث أعضاء مجلس الشعب الذين ترشحوا على القوائم الفردية (حصل الإخوان على حوالي نصف مقاعد الفردي)، والذي ترتب عليه حل مجلس الشعب كاملا، قبل هذه المجزرة السياسية التي لبست ثوب القضاء الذي يعمل فرعا تابعا للمجلس العسكري والمخابرات المصرية، كتب عبد الحليم قنديل المعارض المصري المعروف بخطه القومي المناهض للإخوان، كتب في صفحته على موقع فيسبوك حول لقاء جمعه بمسؤول في المخابرات المصرية، وكان كما قال “برتبـة وكيـل، وهى رتبة تساوى وكيل وزارة داخل جهاز المخابرات العامة”، حيث فاجأه الأخير بقوله “أبشـر يا عبد الحليم، حنخلصكـم من الإخوان قريبا وها هو الرئيس شفيق يستعـد خلال أيام قليلة كي يتسلم منصبه ويبـدأ حمـلة التطهير”.
وعلق قنديل قائلا: “كان يبدو من استرسال سيادة الوكيـل في الحـوار أنهم متيقنون من انتصـار أحمد شفيق بكـل السبل وأنهم تخلوا عن حذرهم وبـدأ اللعب على المكشـوف”. وأضاف “أردت أن أستغل فرصة هذا الاعتراف وفترة الصراحة تلك، وسألت عن حجم الهجوم العنيف على الإخوان ومرشحـهم للرئاســة محمد مرسى، فأجابني الرجل ضاحكا وكله فخـر “ده شغلنا إحنا بقى. عشـان تعرفوا إن المخابرات ما بتلعبش فى البلد دي يا عم المعارض”.
وتابع قنديل: “هنا تيقنت تماما أن كل هذا الهجوم المبرر وغير المبرر على جمـاعة الإخوان كان بتعليمات من المجلس العسكري لجهـاز المخابرات المصرية العامة الذي يمتلك قسما كاملا يدعى (قسم الشائعات)، وهو قسم يستخدم لخدمة النظام الحاكم وإشاعة الفوضى والبلبلة ونشـر الشائعات التي تهدف لخدمة النظام، ومنها نشر الخوف والفـزع من الإخوان الذين لم نر منهم حكما بعد لدرجة خوفنا منهم وإصابة البسطاء بالرعب من حكم المرشــد، واتخاذ بديــل عنه حكم النظام الفاسد المباركي الذي سيعيـد شفيق إنتاجه”.
الآن، وبعد يوم من مما عرف بقانون الضبطية القضائية الذي يمنح ضباط الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية حق اعتقال المدنيين، تأتي قرارات المحكمة الدستورية لتؤكد أن نوايا التزوير لأحمد شفيق باتت واضحة، هو الذي لم يُبد أي اهتمام بقضية المحكمة تأكيدا على ثقته الكاملة بالنتيجة.
والحال أن الحديث عن نزاهة القضاء في نظام فاسد عاش ثلاثين سنة يبدو أمرا عبثيا بامتياز، ولا شك أن قرار المحكمة كان متفقا عليه مع المجلس العسكري المدعوم من جهاز المخابرات الأقوى في الدولة، بل إن كمال الجنزوري قد قال لأحد قادة الإخوان قبل شهور، إن قرار حل مجلس الشعب موجود في أدراج المحكمة الدستورية!!
حل مجلس الشعب يعني بكل بساطة ترتيب الأجواء لرئاسة مريحة لشفيق، لاسيما أن الانتخابات برمتها ستعاد على الأرجح، وليس الثلث (الفردي) فقط، مع أن شطب نواب الإخوان تحديدا في الفردي دون سواهم، بدعوى أن المقاعد لغير الحزبيين، قد يكون كافيا في هذه المرحلة. وعموما فإن سائر قرارات المجلس خلال الشهور الماضية ستكون بحكم الملغاة أيضا.
لو توقف قرار المحكمة عند قضية العزل السياسي لكان احتمال التزوير لصالح شفيق برسم الجدل، لكن إضافة القرار الثاني الخاص بمجلس الشعب يؤكد أن التزوير مرجح إلى حد كبير، وقد لمس من تابع المؤتمر الصحفي لشفيق أن الرجل يتحدث كرئيس منتخب وليس كمرشح يمكن أن ينجح ويمكن أن يرسب.
الكرة الآن في ملعب سائر القوى التي انخرطت في الثورة، والتي ساهمت في إضعاف الإخوان بهجائهم دون هوادة، وشجعت المجلس العسكري على التغول، لاسيما أن كثيرا من ذلك الهجاء كان يبحث عن الذريعة تبعا للحساسيات الحزبية، وإن لم ينكر أحد وقوع الإخوان في بعض الأخطاء كنتاج لمفاجأة المرحلة برمتها وما انطوت عليه من أحداث.
اليوم، لا شك أن التردد في دعم مرسي سيصب بالكامل في صالح شفيق الذي تعمل لصالحه ماكينة هائلة من الأمن والجيش ورجال الأعمال ووسائل الإعلام، فضلا عن المؤسسة المدنية القوية التأثير التي لم تتغير خلال المرحلة الماضية.
إذا وقع ما يشير إليه مسلسل الأحداث ممثلا في فوز شفيق، والانقلاب على الثورة، فهذا يعني ضرورة النزول إلى الشارع من جديد من أجل إسقاط المجلس العسكري وإعلان حكومة إنقاذ وطنية تتشكل من رموز مقبولة من شرفاء البلد.
الحديث عن نزاهة القضاء ووطنية الجيش لم يعد مقنعا لأحد، ولا بد من ثورة شاملة تنتج نظاما كاملا يعبر عن ضمير الشعب، وليس عن مصالح الفاسدين من ورائهم قوى الخارج الحريصة على مصالح الكيان الصهيوني والقوى الغربية، مع حضور مباشر لدول عربية كانت معنية بفشل الثورة المصرية التي يشكل انتصارها خطرا كبيرا على منظومة السياسة والحكم في العالم العربي برمته.
الدستور