عمون - روجيه غارودي فيلسوف فرنسي ولد في 1913 بمدينة مرسيليا الفرنسية, وحصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون في 1953, وعرف بمناهضته للصهيونية، وتوفي يوم الأربعاء 13 يونيو/حزيران 2012.
كان غارودي أحد رموز الحزب الشيوعي الفرنسي حتى انشق عنه في 1968, وأبعد من الحزب بعد ذلك بعامين لانتقاده المستمر للاتحاد السوفياتي السابق.
وقبل هذا كان قد شارك مطلع أربعينيات القرن العشرين في حركة المقاومة ضد النازيين في فرنسا, واعتقلته حكومة فيشي الموالية للنازيين, ونقل أسير حرب إلى معسكر بمدينة الجلفة جنوبي الجزائر.
وفي المعسكر شارك غارودي في تحرك احتجاجي, وصدرت أوامر بإطلاق النار على المنتفضين في المعسكر, بيد أن جنودا مسلمين رفضوا الأوامر فكانت بداية إعجابه بالإسلام.
عشرات المؤلفات
انتقل مطلع سبعينيات القرن العشرين من البروتستانتية التي كان عليها في صباه إلى الكاثوليكية التي استمر عليها حتى أعلن إسلامه يوم الثاني من يوليو/تموز عام 1982 في مركز إسلامي بجنيف.
حين أسلم, قال إنه كان في ما سبق من مراحل حياته يبحث عن معنى معين لم يجده إلا في الإسلام, وإنه وجد أن الحضارة الغربية قد بنيت على فهم خاطئ للإنسان.
ألف نحو سبعين كتابا بينها "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية", وهو الكتاب الذي دافع فيه عن نظرية "المؤامرة الصهيونية" التي يعتقد أنها اختلقت ما يعرف بالمحرقة اليهودية (الهولوكوست) على أيدي النازيين لتبرير التوسع الإسرائيلي.
واعتبر غارودي في هذا الكتاب أن من غير المعقول الحديث عن إبادة ستة ملايين يهودي في أوروبا من قبل النازيين في حين أنه لم يكن في ذلك الوقت سوى 3.5 ملايين يهودي في أوروبا. وبسبب هذا الكتاب تعرض غارودي لحملات عنيفة ثم للمحاكمة.
من مؤلفاته أيضا "ما يعد به الإسلام"، و"الإسلام دين المستقبل"، و"لماذا أسلمت.. نصف قرن من البحث عن الحقيقة" و"الأصوليات المعاصرة أسبابها ومظاهرها" و"محاكمة الصهيونية الإسرائيلية" و"حفارو القبور.. الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها" و"الولايات المتحدة طليعة الانحطاط" و"حوار الحضارات" و"كيف نصنع المستقبل؟".
عرف عن غارودي أناقته وافتخاره بلكنته التي يتميز بها جنوبي فرنسا، ويصفه العارفون به بأنه "رجل حوار الحضارات".
مواقف ومواقف مضادة
برزت مواقف غارودي المؤيدة للقضايا العربية والمنتقدة لإسرائيل وسياساتها عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان في 1982, وما أفضى إليه من مجازر في مقدمتها التي حدثت في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين، فحينها نشر غارودي مقالا في صحيفة لوموند بعنوان "معنى العدوان الإسرائيلي بعد مجازر لبنان".
نقل أيضا عنه قوله "أشد ما يحملني على الفخر هو تمسكي بالحلم الذي راودني في سن العشرين، أعني وحدة الأديان الثلاثة المسيحية واليهودية والإسلام". ويصف نفسه بأنه "دون كيشوت" يناضل ضد "طواحين الهواء" الرأسمالية، وقد أسس هذا الموقف منطلقا لحملات شنتها عليه المنظمات الصهيونية في فرنسا والعالم.
اتهم غارودي في ذلك البيان إسرائيل والصهيونية باجتياح لبنان نتيجة لغرور الغطرسة والهوس المزمن اللذين تزكيهما الولايات المتحدة حسب تعبيره, وقال إن المقال أشعل حربا ضروسا ضده.
وتجددت الحملات على غارودي بعد نشره في 1995 كتابه "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية", وقد حكم عليه في 1998 بالسجن لمدة تسعة أشهر مع تأجيل التنفيذ وغرامة بقيمة مائة ألف فرنك فرنسي بتهم منها إنكار جرائم ضد الإنسانية, والثلب العرقي.
المصدر:الجزيرة + وكالات