المسلسل الدموي الذي حدث أول أمس في عدد من المدن العراقية حيث وقعت عدة تفجيرات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة وهجمات بالأسلحة الرشاشة وراح ضحيتها أكثر من ثمانين مواطنا عراقيا وأكثر من مائتين وخمسين جريحا هذا المسلسل ليس هو المسلسل الأول ولن يكون الأخير ما دامت الأحوال السياسية هناك تسير كل يوم من السيىء الى الأسوأ وما دام الدكتور نوري المالكي رئيس الوزراء يصر على الاستفراد بالسلطة في ظل مجلس نواب ضعيف وقوى أمنية مخترقة من قبل الجماعات الارهابية.
لقد سمعنا عدة تصريحات من مسؤولين عراقيين بأن احتياطات أمنية كبيرة قد اتخذت من قبل القوات الأمنية وقوات الجيش لحماية المسيرة المليونية التي يقوم بها الشيعة مشيا على الأقدام لزيارة قبر الامام موسى الكاظم وهو الامام السابع في قائمة الأئمة الاثني عشر عند الطائفة الشيعية الاثني عشرية لكن جميع هذه الاحتياطات التي قام بها عشرات الآلاف من قوات الجيش والقوات الأمنية اخترقت وهذا يدل دلالة واضحة كما يقول المحللون السياسيون العراقيون على أن هناك من يتعاون مع الارهابيين الذين قاموا بهذه الهجمات من قوات لأمن أو الجيش وأن تكثيف الاجراءات الأمنية لا يكفي وحده لحماية زوار ضريح الامام الكاظم من الاعتداءات الارهابية بل يجب الاعتماد على المعلومات الاستخبارية وهذه هي الأهم في وضع كهذا لكن يبدو أن هذه المعلومات اما غائبة أو غيبت حتى يقوم الارهابيون بما قاموا به من أعمال ارهابية.
وقد يقول قائل أن ما جرى من قتل لمواطنين عراقيين أبرياء هو عمل طائفي بحت موجه الى الزوار الشيعة الى ضريح الامام موسى الكاظم لكن هذا القول غير صحيح لأن هذه التفجيرات شملت أيضا عددا من المدن التي تسكنها غالبية من السنة مثل الموصل ودياله وكركوك وبعض المدن العراقية الأخرى.
الدكتور نوري المالكي ما زال يصر على الاستئثار بالسلطة وهو يرفض رفضا قاطعا التخلي عن منصب رئيس الوزراء وحتى عندما جرت الانتخابات لاختيار أعضاء مجلس النواب وفازت القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي بالأغلبية في مجلس النواب ومن المفروض أن يشكل السيد علاوي الحكومة الا أن السيد المالكي رفض الاستقالة أو التخلي عن السلطة الى أن حدثت تسوية بحيث تشارك القائمة العراقية في الحكومة لكن ما زالت السيطرة للمالكي حتى لو شاركت القائمة العراقية في حكومته.
قبل فترة قصيرة، جرت محاولات في مجلس النواب لاسقاط حكومة المالكي لكن هذه المحاولات فشلت بسبب ضعف هذا المجلس وعدم قدرته على الوصول الى الأغلبية التي يمكن أن تسحب الثقة من حكومة الدكتور المالكي.
العراق مع الأسف الشديد يمر بمرحلة حساسة من عدم الاستقرر السياسي وعدم الاستقرار هذا يؤدي بالضرورة الى عدم الاستقرار الأمني واستغلال الارهابيين لهذا الوضع للقيام بأعمالهم الارهابية والضرب في أي موقع يشاؤون وقتل المواطنين الأبرياء.
منذ الغزو الأميركي لهذا البلد العربي الشقيق عام 2003 وبالرغم من انسحاب القوات الأميركية الا أن الوضع هناك ما زال غير مستقر وما زالت مسلسلات القتل مستمرة في معظم أنحاء العراق والخلافات السياسية أيضا مستمرة والذي يدفع الثمن هم المواطنون العراقيون الذين هاجر عدد كبير منهم الى خارج وداخل العراق كما أن العراقيين يعانون من نقص شديد في الخدمات الأساسية ومن الفقر والبطالة والتهميش.
المحصلة أن العراق لا يمكن أن يستقر ما دام السيد المالكي وحزبه يستفردان بالسلطة وما دامت الأجهزة الأمنية مخترقة من قبل الجماعات الارهابية.
الدستور