قرأت مؤخرا على موقع ابونا www.abouna.org رسالة البطريرك ميشيل الصباح الى المسيحيين في الأردن، حول موضوع الانتخابات النيابية ودور الناخب والمرشح من هذه العملية ,, مسؤولية وواجب. ويبدو ان "أبونا" قد أعاد نشر الرسالة الصادرة عام 1993، علها تدعو الناس من جديد الى "عقلية جديدة" في التعامل مع موضوع حيوي ... مثل انتخابات السلطة التشريعية . ذكر غبطته في كلمته واجب المؤمن الناخب ومسؤولية المرشح نفسه ودوره في خدمة الصالح العام , وخدمته لغيره قبل خدمته لنفسه , و نوّه أيضا إلى أن الديمقراطية دعوة للالتزام بالقيم التي تحكمنا نحن البشر وتحقق الصالح العام , والتي تحفظ كرامة الفرد والتي هي من كرامة الله سبحانه وتعالى , و ذكر غبطته أنّ الدين، مثل الحرية، يوجه المؤمن الى عمل الخير , وهو مرتبط ارتباطا جوهريا بالمحبة وأنّ الديمقراطية السليمة هي التي تحترم الحريات والتعددية والتي تبحث عن الطريق التي توحد بين المواطنين مع اختلاف آرائهم وعقائدهم ومواقفهم الايمانية.
يضيق المجال هنا لسرد تفاصيل الرسالة كاملة , لكن هناك كلمة حق يجب انت تقال في هذا الشأن. فيما نقف على مسافة قريبة من الانتخابات التشريعية في الأردن.
تسير في شوارع عمان فترى المسيرة الديمقراطية بأشكالها المختلفة... لافتات ويافطات، إمّا من القماش الكتان , و إذا الماديات متوافرة، تكون على شكل بوسترات من البلاستيك المقوى ضد المزع والشرط ... موضوعة أو معلقة بشكل عشوائي هنا وهناك. يا لفرحة تلك الشجرة التي سمّرت عليها اليافطة التي تنادي بحماية البيئة...! و يا لبهجة ذاك الرصيف الذي امتلاْ بالشعارات المنادية بحماية المواطن وحرياته ليصبح الشارع طريقه للعبور ! يافطات بكل مكان على الجسور والممرات , على المداخل والساحات تحمل شعارات رنانة , حيث تقرأ هنا شعارات تعدك بحل مشكلة الفقر في الاردن وهناك ترى حلا لمشكلة البطالة , وأخرى بموضوع الانحباس الحراري , شعارات تنادي بتحسين مخرجات التعليم... ولن أنسى التي تنادي برفع الجمارك والضرائب او التي تنادي بالحرية والعدالة والمساواة ... شعارات وشعارات وشعارات ....
شكل اخر من الدعاية الانتخابية، وهي المقرات والخيم المنصوبة على جوانب الطريق هنا وهناك , مغلقة الشوارع الفرعية للاحتفال بالعرس الوطني , حيث المرشح الكريم يتوسط ناخبيه الأمناء له ، يحيطون به إحاطة السوار بالمعصم، ويلقي عليهم بيانه الانتخابي والاعمال التي سيقوم بها في حال انتخابه ,وتبدأ المنافسة بالمهام حيث تسمع وتتفاءل... حيث واحد يعدك بحل مشكلاتك كافة , وآخر سيزيد الرواتب , وغيره من يعدك بخفض الإيجارات , وهناك من سيرفع عنك الضرائب , وأيضا من يعدك بمجانية التعليم الجامعي.
وترتفع حرارة المنافسة لكي تصل المجانية ايضا للغذاء والدواء , ستحل مشكلة الحر في الصيف , ومشكلة الماء وشحه , مشكلة الفقر والبطالة حيث سيؤمن "مشروع النائب" وظيفة لكل مواطن , بعيدا عن المحسوبيات. وقريبا جدا، سيجعل من بيئتك واحة خضراء ,هواء نقيا , وسيغلق طبقة الاوزون . وايضا سيؤمن لك ستالايت و كمبيوتر وسيارة ..
نعم هذا كله سيؤمن لك في حال نجح في الانتخابات واصبح على كرسي المجلس . لم يتبق سوى وقت قليل ، لتصحو من نومك وتجد المحسوبيات قد غابت، والواسطات قد زالت ، لتحل مكانها الكفاءة والتعيين العلمي الدقيق المحوسب...
يأخذك المرشح للبرلمان بعيدا وبعيدا جدا عن عالمك ,, ويضعك في عالم اخر, حيث الحياة الكريمة والمواطنة , الحريات , والمساواة , المشاركة والعيش الكريم ,, تغمض عينيك وتسرح بعيدا ... مع عزيزك المرشح ... ينقلك إلى عالم جميل غير الذي تعيش فيه ... يجمل لك البيئة والعالم وعلاقات الناس .... يجعلك تبصر فضاء جديدا وأرضا جديدة وسماوات جديدة...
يا سلام عليك يا الانتخابات ! لأنك تذكريننا كل مرة بحقوقنا التي نحلم بالحصول عليها, فهل ستتحقق يوما؟
bassima@go.com.jo