قبل أسابيع قليلة تعالت التصريحات الحكومية بأن مجموع المساعدات التي وصلت المملكة لم تتجاوز ال20 مليون دينار من أصل المبلغ المرصود في الموازنة والذي يقارب من ال900 مليون دينار وذلك للأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري مما ساهم في تفاقم عجز الموازنة الحالية ودفع الحكومة إلى إعادة النظر في العديد من السياسات المالية والضريبية، ورفع الدعم عن بعض السلع وزيادة الضرائب على البعض الآخر وضبط بعض النفقات وغيرها من الإجراءات التي يرى العديد من الإصلاحين في الجانب الإقتصادي على أنها لن تؤدي إلى إحداث التغيير المطلوب ، وأن جملة هذه الإجراءات لن تعالج المديونية بشكل جذري !!
بمعادلة بسيطة فإن الحكومة مدعوة إلى البحث في أصل المشكلة بشكل أكثر تعمق ومن ثم الوقوف على الخيارات المتاحة فزيادة الضرائب على بعض السلع أدت إلى إحجام المواطن عن التعامل معها ، أما في ما يتعلق بالجانب الآخر فالمواطن كان ولا يزال يترقب بنوع من الحذر أي إجراءات حكومية أخرى قد تؤدي إلى تآكل دخله مما ساهم ويساهم في إنخفاض القوة الشرائية مما يعني بمعادلة أخرى إنخفاض النمو الإقتصادي وإنخفاض التحصيلات الضريبية وبالتالي زيادة عجز الموازنة مرة أخرى !!
في هذا المقام أود ان أطرح التساؤل التالي: أين وزارة التخطيط والتعاون الدولي من جملة الإصلاحات الهادفة إلى تخفيض عجز الموازنة والمديونية !! وما هي الإجراءات التي عملت عليها من أجل زيادة المساعدات والمنح المقدمة للمملكة خاصة ، وما هي الآلية التي تعاملت معها في إنخفاض المساعدات الخارجية خاصة إذا ما أخذنا بعين الإعتبار الموقع المتميز للممكلة في الخارطة العالمية كدولة حليفة وصديقة للعديد من الدول.
إن الدور الحيوي الذي تلعبه الوزارت الأخرى من وزارة الزراعة إلى وزارة الصناعة والتجارة إلى وزارة التنمية الإجتماعية إنتهاء بوزارة الخارجية وتكامل العمل الحكومي بشكل أكثر جدية في التعامل مع القضايا السياسية والإقتصادية وحتى الإجتماعي منها يدعو للحيرة في كثير من الأوقات ، ولعلي في هذا المقام أحسد عدداً من الوزراء الذين أضحت وزاراتهم عبئاً على الموازنة من حيث الرواتب والنفقات فقط ، ولكن ومن حسن الطالع أن الدور المناط بهم لا يشكل جزءاً من الإصلاح السياسي الإقتصادي الإجتماعي في المملكة.
إن الحكومة مدعوة اليوم وأكثر من أي وقت سابق إلى تحقيق التكامل في أعمالها وبرامجها وتوزيع مهام الأعمال بشكل أكثر عدالة ، كما أن من ترتيب الأولويات وتفعيل دور الوزارات وعلى رأسها وزارة التخطيط والتعاون الدولي التي أرى ومن وجهة نظر شخصية أنها تشكل الدعامة الرئيسية لعمل الوزارت الأخرى من خلال إعادة دراسة الأولويات ، ودراسة واقع المواطن بشكل أكثر جدية ، وتعزيز التعاون الدولي من خلال الإستفادة من جملة العلاقات المميزة التي تربط المملكة في العديد من الدول الشقيقة والصديقة ، والعمل على دعم العديد من المشاريع الحكومية من خلال منح ومساعادات خارجية تدعم عمل الوزارت الأخرى وتحقق التكامل المنشود وتخفض من النفقات وتعزز من الإيرادات عبر مشاريع تنموية وإستثمارية مدعومة من الخارج.
كل ذلك من شأنه أن يعود على الموازنة بجزء من العافية ، كما أن من شأن ذلك أن يخفف من لجوء الحكومة إلى فرض ضرائب جديدة تسهم في زيادة إحتقان الشارع الأردني ، وتزيد من معدلات الفقر والبطالة.
وعليه فإن جميع الوزارت تتحمل العبء في تحقيق التخطيط الإقتصادي الإجتماعي السياسي من خلال تفعيل برامجها وبالتنسيق مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي من أجل زيادة الإيرادات والعمل على تخفيض النفقات مما يسهم بشكل جذري في تخفيض عجز الموازنة وبالتالي تخفيض المديوينة.

باحث ومستشار اقتصادي ومالي

a.qatawneh@zuj.edu.jo