عمون – محمد الخوالدة

استوقفني في شارع "اصف" وسط مدينة الكرك القديمة الثمانيني ابوسالم ، وقبل أن انقل لكم ماذا اراد مني ابو سالم دعوني اعرفكم ببعض المعلومات لمن لايعرف شيئا عن شارع اصف المشار اليه .

اصف هو احد من حكموا مدينة الكرك ايام العهد العثماني فسمي هذا الشارع باسمه، وهو الشارع المتعارف عليه حاليا باسم الشارع الرئيسي او شارع الملك حسين .

اعود لاخبركم ماذا اراد مني ابو سالم ، الذي صادفني عصر ذات يوم في الشارع المذكور فاستوقفني قائلا "بيقولوا انك بتكتب في "الكموتر" وهو يعني هنا الانترنت ،" قلت له "صحيح ابو سالم انا بكتب في اشي اسمه موقع اخباري الكتروني يسمى"عمون" يعني بكتب ع النت "، رد ابو سالم "كله واحد" ، اخذ ابو سالم بيدي ليبعدني عن وسط الشارع ، جلست واياه على كرسيين امام متجر احد اصدقائه ، سألته "خيرا يا ابو سالم أن شا الله مافي شي" ، اجاب "ودي تكتب الي هالاشي في المحل اللي بتكتب فيه" ،اجبته "الله محييك عن ايش بدك اكتب ، رد ابو سالم "عن الباصات " ، ظننته يريد التحدث عن باصات "الكيا" التي باتت تشكل ازعاجا للكثير من الناس لقيامها بنقل الركاب دون ترخيص ، وهي ايضا باعداد كبيرة تربك حركة السير داخل مدينة الكرك وابرز مواقع امتداداتها الجديدة ، قلت له عن باصات "الكيا" قال ابو سالم "لاياعمك ودي احكي ليك كيف كنا نمشي ع عمان وع قرايا الكرك في الباصات "، اجبته " اصلا انا بدي هيك اشي" " قال ابو سالم "اكتب" ، اجبته "انت قول وانا بحفظ وبعدين بكتب" ، فبدأ ابو سالم الحديث الذي اردت أن انقله كما نطق به وبلهجته الطيبة .

قال ابو سالم " ماكان فيه ايام سنين الثلاثينات و الاربعينات وحتى اخر الخمسينات تكاسي اتودي الناس ع عمان او ع قرايا الكرك ، كلهن كانن باصات وع خط عمان كان فيه أكثر من اربع باصات وكان من شوفيرية الباصات ابو يوسف الجعبه وعبدالعزيز السحيمات ومحمد الدلو و واحد اسمه شعبان ناسي اسمه عشيرته. واضاف ابو سالم كانت الباصات اتوقف في دكانه تحت دار "جميل سنجر" في هاظا السوق ، واشار بيده إلى تلك الدكان التي تحولت الان إلى بقالة ، واضاف ايضا أن حركة الباصات كانت امنظمه تمشي في موعد امعين ، باص كان يطلع ع عمان الصبح الساعة سته وباص ع العشرة وباص ع اثنعش واخر باص كان يطلع ع الثنتين ، واضاف ابو سالم كان اجار الراكب عشر اقروش ، وكنا نمشي ع طريق الموجب اللي كانت بتخوف لكثرة كورباتها وضيقها وبتمر من طرف واد عميق "بيقطع قلب اللي بلد عليه "( ينظر إليه) ، قبل أنهم يسوو(يقيموا) طريق القطراني اللي كانت اترابيه (غير معبده) ، وكان عند جسر الموجب محل ببيع الكازوز والشاي للركاب اللي كانوا يتريحوا هناك ، وبعدين نطلع في الباص ونظل ماشيين لعمان ، ويوقف فينا الباص في وسط عمان ، عند سوق البخاريه الحين (الان) ، واضاف كان الركاب بقطعوا بوليتات (قسائم ) لما بدفعوا الاجار ، وكانت رحلة شاقه أكثر من ثلث ساعات مشي في الباص .

واضاف ابو سالم " ودي احكي ليك عن باصات القرايا ، كان عددها قليل ، والباصات كانت بتودي الركاب وعددهم وكتها ( وقتها) كان قليل ع قرايا جنوب المدينة (الكرك) وشمالها ، وكان الباص "ينام" في ابعد قرية مشان بعد صلاة الصبح في اليوم الثاني يسري (يتحرك مبكرا) ويمر ع كل القرايا مشان يلايم (يجمع) الركاب ويجي فيهم ع الكرك لانه كان باص واحد ع كل خط لمجموعة قرايا بيجي (ياتي) ع المدينة الصبح وبرجع الركاب بعد الظهر ع قراياهم اللي اجو (حضروا منها) ، وكان اجار ابعد قرية مابزيد ع شلن ".



قد يبدو حديث ابي سالم عاديا لكنه يعبر عن وضع معين في زمن عفوية الحياة وسهولتها لنقول انه مامن مقارنة بين ماتحدث به ابو سالم بخصوص وضع حركة المواصلات في محافظة الكرك في ايام صباه وبين ماهو عليه الحال الان في ظل وجود عشرات الباصات العاملة على خط عمان الكرك ومئات الباصات على قرى وبلدات المحافظة المختلفة ، يضاف اليها الاف السيارات الخاصة بالمواطنين التي يستخدمونها في تنقلاتهم سواء إلى عمان او من وإلى قرى وبلدات المحافظة والى بقية مناطق المملكة.