صناعة السياحة الأردنية تراهن على العمالة الماهرة
أ. د. ابراهيم بظاظو الكردي
07-06-2012 03:45 AM
يشهد العالم اليوم سباقاً محموماً لبلوغ التميز والرفعة في مضمار الرقي والتقدم معتمداً على العلم الذي انطلق بخطوات واثقة إلى لأمام ليحقق انجازات رائعة يرنو إليها العالم بكل إكبار وتقدير.والحقيقة الراسخة التي لا يجال فيها أحد هي أن الإنسان المتسلح بالعلم والمعرفة المواكب بصورة مستمرة لمسيرة الحضارة الإنسانية هو أولاً وأخيراً حجر الزاوية في بنيان الحضارة الإنسانية، فالمورد الأغلى في عالمنا المعاصر هو الإنسان القادر بما امتلك من قدرات وطاقات إبداعية خلاقة على الإسهام في مسيرة الحضارة، لذلك حرص الأردن على بناء الإنسان وجعل العلم والمعرفة في متناول يديه وها هو الأردن يسجل صفحات مشرقة في هذا المجال في ظل مسيرة التحديث والتطوير التي يقودها حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله بن الحسين المعظم .
إن مستقبل التنمية السياحية في الأردن مرهون بشكل رئيسي بكفاءة وفعالية التعليم الفندقي والسياحي ،فقد طرأت مؤخرا تغييرات واسعة في هذا المجال،وبدأ سوق العمل، من خلال حاجاته لمهارات ومؤهلات جديدة يفرض توجهات واختصاصات مستحدثة تلبي حاجات القطاع السياحي.
يعتمد التطور السياحي في أي بلد على العنصر البشري المتعلم، ومن ثم فإن القوى العاملة في القطاع السياحي المثقفة تعتبر عنصراً أساسياً في تطوير القطاع السياحي الأردني، حيث إنها رأس المال البشري الذي سيضمن المنافسة والابتكار والإبداع، ويحسن تطلعات ومستقبل العمل، ويسهل عملية التعديل والتكيف في الأسواق السياحية المتغيرة.
ومن المتفق عليه أن الاعتراف المتزايد بالأهمية الاقتصادية للسياحة قد سلط الضوء على ضرورة التوسع في تعليم هذا القطاع، وتقوم الميزة التنافسية للدول في الاقتصاد العالمي بشكل متزايد على إتاحة وتوافر العمالة الماهرة، وهذا الأمر ينطبق كذلك على الصناعات المتعلقة بالسياحة، وعليه تعتبر هيكلة التدابير التعليمية والمهنية والتركيز عليها في القطاعين «العام» و«الخاص» قضية مهمة.
وعلى الرغم من أن الموارد البشرية هي الرصيد الأكثر قيمة لهذه الصناعات، فإنه، وللمفارقة، تعتبر الرغبة في الاستثمار في التعليم والتدريب في بعض القطاعات الكبرى والمهمة منخفضة بشكل كبير، مقارنة بالصناعات في مجالات أخرى، بيد أن تحديث الموارد البشرية والتقنيات، إضافة إلى تحسين خبرات الإدارة، متطلبات ضرورية لمزيد من التطوير لهذه الصناعة، ويقوم تخطيط المورد البشري في الغالب على التفكير قصير الأجل، وهو ما يعارض النظر للمورد البشري كأصل استراتيجي.
إن زيادة الطلب على فرص العمل وزيادة أعداد المنشآت السياحية في الأردن يفرض استيعاب اعداد متزايدة من الطلب على خريجي الجامعات ، مما يفرض على جامعات تخريج طلبة لمواكبة احتياجات سوق العمل وتزويد السوق بكفاءات وقدرات نظامية أعلى، وتسهيل التخطيط، إضافة إلى مهارات التفكير والتأمل الذاتي، مما يؤثر في النهاية في مستقبل صناعة السياحة والضيافة في الأردن.
إن مشكلة غياب البرامج التدريبية المناسبة لاحتياجات سوق العمل السياحي وغياب التدريب في المنشآت الفندقية يؤدي إلى حدوث فجوة ينتج عنها تدنى مستوى الخدمة ومن ثم عدم القدرة على منافسة الأسواق المجاورة وضعف القدرة التنافسية للقطاع السياحي الأردني ويعمل التدريب السياحي على تزويد العاملين في المنشآت والمؤسسات الفندقية بالمعلومات والخبرات و المهارات اللازمة لأداء أعمالهم بفعالية. مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية و رفع معنويات العاملين و تقليل الحاجة للإشراف عن قرب و تخفيض حوادث العمل و تعميق المعرفة المتخصصة .....الخ .
فالتدريب يساعد المنشآت السياحية والفندقية على تحقيق الاكتفاء الذاتي و بالتالي تقليل الاعتماد على الأيدي العاملة الأجنبية. وهناك عدة مستويات من التدريب :منها تدريب العاملين الجدد ،أو التدريب أثناء العمل، أو تجديد المعلومات لإكساب العاملين المهارات الجديدة في مجال تخصصهم، أو إعادة تدريبهم لشغل وظائف أعلى، ويجب أن ينظر إلى التدريب السياحي على أنه وسيلة من وسائل الاستثمار المختلفة التي تحقق مكسبًا ماليًا يضاف لقائمة الأرباح و ليس عبئاً على ميزانية المنشأة السياحية لكونه أكثر الاستراتيجيات الفاعلة في مجال الموارد البشرية. ويصبح التدريب السياحي أكثر جدوى و فعالية عندما يكون مبنيًا على أساس التتابع و الاستمرارية من خلال تبني إستراتيجية واضحة لتنمية و تطوير قدرات العاملين تعتمد على إعداد البرامج التدريبية لتقويم أي اعوجاج في الأداء.