(مطروح للحوار)

منذ نهاية عام 2010م وحتى ايامنا هذه ظهرت في بلادنا العربية حركات شعبية اطلق عليها اسم "الربيع العربي" لا ندري كيف جاءت التسمية ولا ندري كيف ان هذا الربيع انطلق فجأة تحت اسم حركة او ثورة وهو في الواقع ما هو الا نوع من العراك الشعبي العفوي ظاهريا لا يرقى الى مستوى ثورة. لان الثورة تقوم وفق استراتيجية معدة سلفا ولها اهداف وغايات واضحة واساليب نضالية مبرمجة وتمويل واضح وممهد سلفا.

اما ما حصل في الوطن العربي هذه السنوات فهو ليس بالشيء الجديد على امة العرب، فاذا صح ان نسمي ما حدث بالربيع، فقد مر العرب في تاريخهم الطويل باكثر من ربيع واكثر اخضرارا وثمرا. من ذلك نذكر انتفاضات الشعب الفلسطيني عام 2000م وعام 1988م وقبلها اضراب عام 1936م وكل ذلك لم يحرك ساكنا في قضية الفلسطينين وخاصة مسالة العودة للاجئي 1948 ومسالة القدس ومسائل كثيرة، حتى اصبحت قضية فلسطين ورقة في كل من يريد ان يتاجر ويربح او يصل الى الحكم وان يستمر فيه سنوات طويلة. وحصل ربيعا عربيا في الاعوام 1975 وحتى عام 1999 في لبنان ودمرها وعادت كما كانت قبل عام 1975 بل زاد فيها الطائفية.
وحصل ربيعا في العراق عندما قام المعارضون لحكم الرئيس السابق صدام حسين بجر امريكا الى حرب امريكا في العراق. سقط صدام ولكن سقطت العراق نحو الطائفية والقتل والتدمير وسفك الدماء اليومي وانهيار الاقتصاد.

وحصل الربيع العربي سابقا عندما اغتيل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو يقرا القران الكريم ووقعت الفتنة بين الامويين ويمثلهم الخليفة معاوية بن ابي سفيان الذي اجتهد وطالب بدم عثمان من الخلافة الجديدة بقيادة علي بن ابي طالب رضي الله عنه وانتشر مصطلح "قميص عثمان" الا ان الخليفة علي قتل ايضا وانقسم المسلمين الى سنة وشيعة وهذا يتعارض مع اسلامنا الحنيف حيث يذكر القران الكريم "في سورة الانعام" الآية 159
بسم الله الرحمن الرحيم )) ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، لست منهم في شيء ، انما امرهم الى الله ثم ينبأهم بما كانوا يعملون )). صدق الله العظيم
ثم جاء ربيعا عربيا اخر عندما تصارعت قوى العباسيين مع قوى الامويين ليتغير نظام الحكم. وربيعا اخر في صراع المماليك مع الايوبيون ثم دخول الاتراك وقهرهم للمماليك وسيطرة الدولة العثمانية على بلاد العرب، ثم ربيعا اخر عندما التف احرار العرب في سوريا ولبنان وفلسطين والاردن والحجاز حول مفجر الثورة العربية الكبرى عام 1916 لتسقط تركيا وينتهي ظلم حركة التتريك الذين دمروا اقتصاد العرب وحاولوا طمس القومية العربية, ولكن سرعان ما جف هذا الربيع لياتي الاستعمار العسكري من ايطاليا واسبانيا والبرتغال وفرنسا وبريطانيا ليقتسموا الحكم والاستعمار على ارض العرب ويقيموا دولة اسرائيل.
يذهب الاستعمار عن ارض العرب بفعل الربيع العربي الذي قام بثورات تحرر, الا ان النتيجة ان تعاقبت بعدها سلطات دكتاتورية اشد ظلما من الاستعمارالغربي لتحكم عقودا طويلة وينتشر الفساد والظلم. وتعيش اسرائيل البعبع في بحبوحة ومن موارد العرب.
ولكن التقت مصالح الشعوب العربية حديثا مع من يؤيدهم للخلاص ويدعمهم بالمال والسلاح والاعلام وانطلق بذلك الربيع العربي الذي نعيشه هذه الايام من اجل تحقيق الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ولكن الثمن هذه المرة لربيع العرب كان غاليا جدا لقد قتل زعماء وسجن اخرين وتنحى وفر وهرب اخرين, ولكن عاد الوضع الى حال سيء حيث لم نرى اصلاحا سياسيا والاقتصاد دمربالكامل. ولكن هناك دولا تنبه قادتها الى ضرورة تحقيق رغبات الشعب دون تكلفة ودون ترك الاصابع الخفية في الظلام تتحرك تحت شعار الربيع والاصلاح لتدمر الوطن . من هذه الدول التي تنبهت وسارع قادتها الى الاصلاح بهمة واخلاص , نذكر, السعودية, المغرب, الجزائر, عمان, اما الاردن فان جلالة الملك وبحنكة مشهودة له فرض الاصلاح وقاده بنفسه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وامنيا وقطع الاصابع السوداء التي قد تمتد لتخرب والتف الشعب حول قائده للعمل معا في ربيع حقيقي.
هذا هو حال الربيع العربي في تلك الدول التي ما زالت تحت سفك الدماء وتخريب الاقتصاد لا بل تدميره, نعم جاء الربيع وازهر وحتى لا يثمر امتدت الاصابع الخفية ومستعينة بالرياح العاتية والاعاصير الثلجية ؟؟ لكي تدمر زهر الربيع العربي , ذهب الزهر ولم ياتي الثمر ولا ندري ما المصير اخيرا. لعلنا سنظل نراقب الى اين ستؤدي هذه الرياح العاتية والحاملة للغيوم البضاء والامطار الحمضية القاتلة للازهار والثمار . سنظل نراقب ونحن نفخر في الاردن قيادة وشعبا باننا استطعنا ان نحول زهر الربيع العربي في بلادنا الى ثمار نرجوا ان نذوق طعمها قريبا ونامل ان يستمر ذلك ونقطف اليانع منها .

يا احرار الامة افيقوا وابنوا اوطانا مستقلة حرة ولتكن ارادتكم وعزيمتكم قوية نابعة من الانتماء للوطن ولهذا الشعب العربي الذي طالما عانى من المؤامرات ومن التعرض لاكثر من ربيع ولكنه كان يموت في المهد او يقطف ثماره من لا يظهرون في الصورة ولا يكشفهم الرادار. فكروا وتحاوروا والله معكم في تحاوركم وتعاونكم واقتراحاتكم البناءة من اجل اجيال قادمة .