facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




صفحة من تاريخ الاردن 36


29-10-2007 02:00 AM

حين كان الأستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت طالبا في الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1965 لدى أستاذه لعلامة قسطنطين زريق ، وكان يحضر لرسالة الدكتوراه في التاريخ ، اختار أولا الكتابة في مدينة تاهرت في الجزائر ، إلا أن حميته بعد أن قيل له ؛ لا يوجد مادة للكتابة عن أي من المدن الأردنية ، ولا عن التاريخ في تلك البقعة . فغير رسالته إلى موضوع " مملكة الكرك في العهد المملوكي " . وهي من أصعب فترات التاريخ ، حيث ندرة المصادر والمراجع ، إلا أن الدكتور عدنان البخيت أراد أن يحدث فتحا جديدا في بدء الكتابة في تاريخ شرقي الأردن ، التي أهملها المؤرخون المحدثون أيما إهمال على أهميتها . ومما يسجل للدكتور البخيت توجيه أبحاثه وتحقيقاته ، ورسائل طلابه في الماجستير والدكتوراه إلى البحث في تاريخ شرقي الأردن ، لا سيما المدن الأردنية ؛ فقد كتب تلميذه الدكتور جورج طريف عن السلط وجوارها ، وكتبت الدكتورة هند أبو الشعر عن اربد وجوارها وكتب الدكتور نوفان السوراية عن عمان وجوارها ، وربما وجه آخرين للكتابة في معان وجوارها والكرك وجوارها .
وقد جاء كتاب "مملكة الكرك في العهد المملوكي " للدكتور محمد عدنان البخيت في 176 صفحة ، والذي كان في الأصل رسالة دكتوراه ، في الجامعة الأمريكية في بيروت ، وقد نشر في عمان عام 1976 . ويدور محور هذا الكتاب عن تاريخ شرقي الأردن أي المنطقة التي عرفت فيما بعد بشرقي الأردن ، فمنذ العهد الأيوبي الذي نشأت فيه مملكة الكرك كإمارة أيوبية ابتداء ، كوحدة إدارية مستقلة من بلاد الشام أصبح لها تاريخ مدون يمكن التحدث عنه .
فقد كانت بلاد الشام في العهد المملوكي مكونة من سبع ممالك : دمشق ، حلب ، حماة ، طرابلس ، صفد ، غزة، الكرك .
فقد بين الدكتور البخيت في كتابه ؛ أن الكاتب الموسوعي محمد بن أبي طالب الدمشقي المعروف بشيخ الربوة (ت 727هـ 1326م) أول من عدد المناطق المؤلفة " لجند الكرك " فهي مكونة من : اللجون ، الحسا ، الأزرق ، السلط ، وادي موسى ، وادي بني نمير ، جبل الضباب ، جبل بني مهدي ، قلعة السلع ، ارض مدين ، ارض القلزم .
اما ابن فضل الله العمري (ت 742هـ 1341م) فقد حدد مملكة الكرك كما يلي : قال وأما الكرك ويعرف بكرك الشوبك فحده من القبلة عقبة الصوان ، ومن الشرق بلاد البلقاء ، ومن الشمال بحيرة سدوم ، وهي بحيرة لوط ( البحر الميت ) ومن الغرب تيه بني إسرائيل .
اما ابن شاهين الظاهري ( ت 873هـ 1468م ) فيذكر أن معاملة الكرك تمتد من العلى ( العلا) إلى زيزه( زيزياء ) كما أكد الدمشقي أن العلا ضمن معاملة الكرك .
ويعدد الدكتور عدنان نيابات مملكة الكرك كما أوردتها المصادر كما يلي :
بر مدينة الكرك ، الشوبك ، زغر ، معان . وكانت الكرك تتكون من 400 قرية كما يقول ابن جبير ( ت 614هـ 1217م) ومنها : الكرك ، الأزرق ، حسبان ، البرج الأبيض ( مرج الحمام ) ، قنبس ، ذيبان ، قاطع الموجب ، الصفرة ، زيزه( زيزياء) ، فديك ، قصر معين (ماعين) ، ذبيان ( ذيبان) ، شيحان ، صرفة ، مآب ، الربة ، الحسا ، المقيرة ، الصافية ( بلدة غور الصافي ) ، مؤتة ، الثنية ، قاب ، الشوبك ، زغر ، اذرح ، معان ، الحميمة ، سلع ، حبال ، غرندل ، أيلة ( العقبة) . وذكر من مزارات الكرك مؤتة ، والمزار ، فيهما من قبور الصحابة الشهداء جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة ، وعبد الله بن رواحة ، والحارث بن النعمان ، وزيد بن الخطاب ، وعبد الله بن سهل ، وسعد بن عامر بن النعمان القيسي . ومن المزارات الحميمة شمال شرقي العقبة إلى الشمال من القويرة ، فيها ضريح الإمام محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ، جد بني العباس ومؤسس دعوتهم ، وكانت الحميمة مركزا للدعوة العباسية ، إلى أن اخذوا الخلافة من الأمويين . ومن المزارات صرفة من قرى مآب بها قبر يوشع بن نون . وشيحان ، التي اشرف منها موسى فنظر إلى بيت المقدس ، فقال يا رب هذا قدسك ، فنودي : انك لن تدخلها أبدا ، فمات عليه السلام ولم يدخله . ومن المزارات الرقيم قرب عمان فيها الكهف الذي آوى إليه الفتية الذين آمنوا بربهم المذكورة قصتهم في القران الكريم .
اما عن سكان مملكة الكرك ؛ فقد بين الدكتور عدنان البخيت ؛أنهم يتكونون حسب الدين من مسلمين وممسيحيين ويهود .
ويرجح الدكتور عدنان البخيت أن معظمهم من أحفاد القبائل العربية التي هاجرت عبر فترات التاريخ إلى شمالي الجزيرة العربية وجنوبي بلاد الشام ، فقد ذكر اليعقوبي أن أهالي غرندل من غسان وبلقين . اما المسيحيون فمعظمهم من العرب سكنوا البلاد قبل احتلال الفرنجة لها .
وفئات السكان ثلاث ؛ الحضر ، البدو ، الفئة الحاكمة من المماليك . فقد كان سكان مدينة الكرك من الحضر . وسكنت القبائل البدوية حول الكرك ، ومن أهم القبائل البدوية في الكرك : بنو صخر وبنو عقبة . وكان بنو صخر ينقسمون إلى عدة بطون منها ؛ الدعجيون وكانوا يسكنون الشوبك . وبنو شجاع وكانوا يسكنون الكرك . والضبيون وكانوا في الكرك . والعطويون من قبائل الشوبك . وبنو وهران بجبل عوف من الشام أي جبل عجلون . وبنو هوير في الكرك .
والقبيلة الثانية من جذام هي قبيلة بني عقبة كانت مساكنهم في الكرك ، من الكرك إلى الازلم في برية الحجاز. وقال القلقشندي إن مساكن بني عقبة من أيلة ( العقبة) إلى داما قريب عينونه . وكانت قبيلة بني عقبة أهم قبائل الكرك لدى مقر السلطنة بالقاهرة . فكان شيخهم يخاطب بلقب " السامي الأمير" . والقبيلة الثالثة في الكرك بنو جرم تسكن في جبال الشراة وقسم في غزة . وبنو ربيعة ، وبنو نمير كانوا يسكنون حول الكرك . وقد أثارت هاتان القبيلتان الاضطراب حول الكرك . وبنو عائذ بين غزة والكرك . وبنو لام . وبنو زهير في الشوبك . والصونيون في الشوبك .
والطبقة الثالثة من سكان الكرك المسلمين طبقة المماليك . ومنهم العائلات المبعدة إلى الكرك ؛ كعائلة الظاهر بيبرس التي أبعدت إلى الكرك زمن السلطان المنصور سيف الدين قلاوون . وكان السلطان الناصر محمد قد أرسل أولاده إلى الكرك احمد وإبراهيم وأبا بكر وزوجته وابنه أنوك . إلى جانب هؤلاء الموظفين كان هناك نائب السلطنة وحاجبان وقاضيان وكاتب سر وناظر جيش ونقيب جيش ومحتسب ومتولي ونائب قلعة وأمير عشرينات وبعض أجناد القلعة وبحرية وغلمان سلطانية . ومقدم بريد مع عائلاتهم .
اما السكان النصارى في الكرك وفي الشوبك فيبدو أنهم غالبية السكان في الكرك والشوبك . وقد فرضت عليهم بعض القيود في مختلف أنحاء السلطنة منها أن يلبسوا العمائم الزرق بدل البيض . واليهود العمائم الصفر والسامرة العمائم الحمر . إلا أن السلطان عاد وأعفى أهل الكرك من لبس العمائم الزرق . وكانت فئة اليهود تسكن في عقبة أيلة .
اما أراضي الكرك فكانت في معظمها خراجية ؛ تدفع الخراج على الغلات . وكانت بعض الأراضي تعطى إقطاعا اما للمشايخ أو لبعض العائلات المملوكية القادمة من القاهرة .
وكانت الكرك تزرع الحبوب خاصة من الشعير والقمح . وكانت الشوبك تضاهي دمشق في دوانيها وتدفق مائها وطيب هوائها . وقد اشتهرت الكرك والشوبك بالمشمش ، وكان المشمش ينقل إلى القاهرة . وكذلك الرمان والكمثرى ، والعنب والزيتون ، والتمر من نخيل أيلة . والرطب من زغر ، واللوز من مآب . والتين . وكانت لدى الكرك ثروة حيوانية هائلة ؛ الخيل والبغال والحمير والجمال والهجن والأغنام والأبقار والجواميس . والحيوانات البرية فكان السلاطين والولاة يأتون للصيد فيها .
اما معادن الكرك فاهمها " الحمر" الذي كان يستخرج من البحر الميت ، وينقل إلى القلاع ويدخل في صناعة النفط وتلطيخ الأشجار . وكان في الكرك معدن البارود . إضافة إلى المياه المعدنية في ماعين والطفيلة .
وكانت عملة الكرك في العهد المملوكي مكونة من الدينار والدرهم . وهي نفس العملة المستعملة في القاهرة . اما أوزانها فهي الصنجة والرطل المكون من 12 أوقية . اما مقاييسها فكان الذراع للقماش وذراع العمل للأرض . وكانت الأراضي تمسح بالفدان الإسلامي والفدان الرومي .
وكانت أعلى وظيفة إدارية في الكرك وظيفة نائب السلطنة فقد حكم بها خلال الفترة من 661هـ 1262م إلى 922هـ 1516م حوالى 57 نائبا للسلطنة ، بدءا من الأمير عز الدين أيدمر إلى الأمير قايتباي . اما في الشوبك فقد حكم فيها من نواب السلطنة خلال الفترة من 659هـ 1260م إلى 748هـ 1347م حوالى 9 نواب سلطنة ، لأنها كانت كثيرا ما تضم إلى الكرك في نائب واحد . وكان من الوظائف الإدارية والي القلعة والحاجب والمهمندار والاستدار ونقيب الجيش ومقدم البريد . وكاتب السر ، وناظر المال والمحتسب وأمير عربان الكرك . وقاضيان أحدهما شافعي والآخر حنفي .
وكانت الكرك ترتبط بخطين بريديين مع القاهرة ، وبخط بريدي مع دمشق . فمن القاهرة إلى الكرك 27 محطة بريد . زادت مع الزمن إلى 33 محطة . اما الطريق بين الكرك ودمشق حوالى 12 محطة إلى 15 محطة .
وكانت الكرك خزانة لأموال السلاطين المماليك ، ومخزنا لحواصل السلاطين . ومرعى لمواشيهم . وسجن للمغضوب عليهم . وكانت الكرك منفى للعائلات السلطانية ومربى لبعض أولاد السلاطين . وكانت ممر بين مصر والشام ، وممر على طريق الحج . وكانت الكرك مركزا للثورات على السلاطين
ومن رجالات الكرك خلال العهد المملوكي ، أبو الفرج بن الشيخ موفق الدين اسحق بن القف من نصارى الكرك ، وكان طبيبا . له كتاب العمدة في صناعة الجراحة. وكتاب الأصول في شرح الفصول لابقراط . وكتاب جامع الغرض في حفظ الصحة ودفع المرض . وكتاب الشافي في الطب . ورسالة في منافع الأعضاء الإنسانية ومواضعها .
ومن رجالات الكرك القاضي عماد الدين المقيري . الذي عينه السلطان برقوق قاضيا لقضاة الشافعية في القاهرة. وتولى الخطابة في المسجد الأقصى . وبرهان الدين الكركي الذي ولي القضاء بالمحلة في القاهرة . وله من المؤلفات الإسعاف في معرفة القطع والاستئناف . والاله في معرفة الوقف والإمالة ، والعديد من المؤلفات . وعلم الدين داؤد بن عبد الرحمن الشوبكي الكركي الذي عمل ناظرا للجيش في طرابلس ودمشق وحلب والقاهرة . وجمال الدين يوسف الكركي الشوبكي ، عمل كاتبا للقاضي عماد الدين المقيري في الكرك ثم في القاهرة . وناظرا للجيش في طرابلس . وفي دمشق . وكاتبا لسر دمشق . وغيرها من الشخصيات التي لا مجال لذكرها هنا .
وهذه دعوة مني لاقتفاء اثر أستاذنا الدكتور محمد عدنان البخيت الذي كتب لنا عن مملكة الكرك في العهد المملوكي في التأليف عن هذه البلاد ، فقد أحدث فتحا جديدا في التأليف عن بلادنا الأردن والبلقاء والتي عرفت بشرقي الأردن ثم المملكة الأردنية الهاشمية . وكان ما سبق من ثنايا كتابه القيم .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :