سورية يا حبيبتي، أعيدي لي كرامتي، أعيدي لي هويتي. سورية البطولة والمجد العتيد تذبح اليوم من الوريد إلى الوريد ، تنتهك الحرمات وتدنس الكرامات، ويقتل الناس بالمئات المئات .
الدماء تلطخ الجدران والأشلاء عناوين الطرقات وجثث الأطفال والنساء والرجال تزف (بالبكبات)، والعرس السوري تحدوه الزغاريد وعويل الناحبات.
صرخة الطفلة على أخيها القابع في رحمة الله مقتولا برصاص أهل الدار, ومناظر الرعب ترسمها العيون المفقعة بالرصاص والحناجر المذبوحة بالخناجر , وعلى الطريقة الصدرية ,والمهدية والنصرية، تدخلات وتدخلات، والدبابات تدوس ما تبقى من جثث فأي قلب يحتمل وأي عقل يستوعب، فيا رحماك أيتها الدار الأبية يادار معاوية وصلاح الدين وخالد المكلوم بأرض حمص المحروقة .
فما زلت في الرمثا أسمع أنات الأم الدرعاوية والحموية والحمصية الثكلى تنعى أولادها محتسبة عند الله الرجوع ... فمن قتل هؤلاء ومن أراق دماءهم ...هل هي الحرية أم النفور من سوء الحال ....نقطة نظام ؟
لم أكن أرغب في الحديث عن جلق والفيحاء لم أكن أرغب في الحديث عن أرض مقدسة أخذت شرعيتها من تضحيات الآباء والأجداد فكانت وما زالت رمز النضال وتوصيات يوسف العظمة وكانت مخلد صلاح الدين بطل حطين ومنقذ الأقصى وفلسطين ؟ ؟؟ آه يا صلاح الدين أسمع أناتك في عمان , فينتفض لها الشعب والحجر والشجر, آه يا صلاح الدين أنا المواطن العربي المغلوب على أمري أنظر لأبناء العمومة في درعا والمسيفره ودير البخت والصنمين وغيرها من شرايين سورية الأبية أشاهد إخوتي والأخوات, بناتي والأبناء , جثثا في عواصم العزوبة مذبوحين برصاص حماتهم . نحبت دمشق فانهار دمع عمان . دمرها القتلة فأصبحت ساحة للمصالح ومسرحا للدول المسماة عظمى تتصارع على غنيمتها . لكن الخاسر الأوحد ما زال هو ابن عمي إنه الشعب .
إرث مجزرة الحولة ومجازر قبلها وأخرى بعدها قصمت (ظهر البعير ) , ولا يمكن أن نكون مع الأنظمة التي ترى أبناءها يقتلون ويذبحون دون حراك صادق ملموس ينهي صراع الدول الكبرى ويضع نهاية للعبة الأمم .
ما زالت سورية تلعب بورقة توازن القوى , فهي مازالت في مظلة الروس ولم يبق لروسيا حليف في المنطقة غيرها , فسورية وإيران هما ورقة روسيا الرابحة في التصدي لمشروع الدرع الصاروخي (النيتاوي ) .. والثمن لا بد وأن تقبضه روسيا ..كما الحال في حرب العراق وليبيا وغيرها, القصة لا تعدو....(شيلني ..تشيلك)
أي شعب تكترث به روسيا وأي أمة تنظر إليها أمريكا فبندقية الفيتولا تصيب إلا الضعفاء ..... يرقصون ويسكرون ويمرحون على مائدة الأشلاء والجثث العربية . فأي حقوق الإنسان تلك وأي ضحك على الذقون .
ألم يدرك النظام السوري ذلك , ألم يعرف النظام أن دباباته ومدافعه وسكاكين الشبيحة حرام على أهلها حرمة اليوم الموعود والشهرالمشهود فالأمة لا تقبل عذرا ممسوخا ولا تبريرا , فالشعب السوري لم يولد من خارج رحم سورية والنظام لا بد أن يكون من هذا الرحم فكيف يقبل أن تزهق الأرواح وينتهك الخدر السوري وتصادر إرادة الشعب التي هي فوق الجميع فوق أعضاء نادي الموت المشؤوم.
إني أسمع نعيق الحرب الأهلية بمشواره الطويل فأين الحكمة في صور الإنقاذ ؟وأين الانتماء في لوحة التجنيب , أنقذوا سورية وشعبها أنقذوا الشعب من سيف الموت و
أكفان الدمار, فلا نريد تكرار مآسي ليبيا واليمن والعراق المكلوم ففرصة إنقاذ سورية الصمود ما زالت ترفرف في الزفير الأخير.وتجربة اليمن ما زالت حية وشاهد عيان , آن الأوان أن يسجل النظام السوري موقف البطولة .آن الأوان أن يرسم طريق النجاة فبيده خيوط متروكة فيها اللعب محدود .
لن ينقذ سورية من هلاك قريب غيرها نفسها , ..نعم إذا أدرك النظام أن التغيير قادم لا محالة وأن مصلحة الشعب فوق كل اعتبار, هكذا يتصرف العظماء وهكذا منطق الشرفاء .
العرب اليوم