"الاتحاد الوطني" و"الائتلاف الليبي": الربيع العربي أفرز قوى برامجية نوعية
04-06-2012 09:08 PM
عمون - أكد حزب الاتحاد الوطني الأردني وائتلاف القوى الوطنية الليبية أهمية التعاون والتنسيق بين القوى السياسية الصاعدة، التي أفرزها الربيع العربي، وباتت تشكل اليوم إضافة برامجية نوعية في دولها.
وقال رئيس "الاتحاد الوطني" الكابتن محمد الخشمان، الذي استضاف رئيس ائتلاف القوى الوطنية الليبية د.محمود جبريل، إن "الاتحاد الوطني يتطلع إلى شراكات واسعة مع القوى الوطنية الصاعدة في مختلف الأقطار العربية، ومن بينها القوى الليبية الجديدة".
وبين أن "الربيع العربي أفرز قوى وطنية عربية جديدة، تتبنى نهجا وطنيا وحدويا، يهدف إلى توسيع قاعدة المشاركة السياسية، وإدماج بنى سسيو – اجتماعية جديدة في العملية السياسية".
ورأى أن "الائتلاف الليبي يشكل تجربة جديدة، يمكن الاستفادة منها في العمل الحزبي الأردني"، لافتا إلى نية "الاتحاد الوطني" تشكيل "تحالف حزبي تحت ظلال القيادة الهاشمية".
وكشف الخشمان عن "مباحثات" مع القوى الليبية، ستستكمل بعد انتخابات المؤتمر الوطني، من شأنها الانتقال بالعلاقات بين الجانبين إلى آفاق جديدة.
وفي المقابل، قال د.محمود جبريل إن "ائتلاف القوى الوطنية الليبية إطار يجمع نحو 62 كيانا سياسيا و500 جمعية، وهدفه الحفاظ على وحدة التراب الوطني الليبي، ويضمن التعددية السياسية، ويقدم معالجات موضوعية للمشكلات، التي تعانيها ليبيا، تجمع بين التنمية والمواطنة".
وبين جبريل أن "الائتلاف يتطلع إلى علاقات واسعة مع القوى الصاعدة في المنطقة العربية، والقوى البرامجية كافة"، مشيرا أن "الاتحاد الوطني، الذي انطلق من رحم الشارع الأردني، أمام مهام كبيرة، أولها: خلق رؤية حقيقية لاحتياجات الأردنيين، وثانيا: مأسسة العمل والمشاركة في العطاء، وثالثا: بناء الانتماء والمواطنة، على المستويين الحزبي والوطني".
ويرتبط حزب الاتحاد الوطني الأردني وائتلاف القوى الوطنية الليبية بعلاقات وثيقة، تؤسس لمرحلة مستقبلية من الشراكة على مستوى القوى الوطنية العربية الصاعدة.
علاقات متميزة
وفي هذا الاتجاه، بحث "الاتحاد الوطني" و"الائتلاف الليبي"، في اجتماع مغلق ضم الخشمان وجبريل وقيادات في الجانبين، العلاقات المستقبلية، ومستجدات المشهدين الأردني والليبي.
وأكد الخشمان، خلال الاجتماع، عمق وإستراتيجية العلاقات التي تربط عمان وطرابلس، وقال إن "العاصمتين تمتعتا بعلاقات وثيقة، رغم بعض ما شابها في فترات متقطعة، وهذا هو تطلع الأردن إلى ليبيا الجديدة".
وعرض الخشمان لجهود جلالة الملك عبد الله الثاني في تعزيز العلاقات الأردنية – العربية عموما، والأردنية - الليبية، ودوره – كذلك – في تمكين بناء التعاون العربي وتوسيع مظلته.
الدور الأردني
وأثنى جبريل على ما ذهب إليه الخشمان، وقال إن "ارتباط ليبيا بالوطن العربي قضية مصيرية وإستراتيجية"، مبينا أن "أمن ليبيا القومي مرتبط بالأمن القومي العربي".
وأشار جبريل أن بلاده "تتطلع إلى علاقات منفتحة مع الدول العربية كافة، فضلا عن سعيها إلى علاقات متميزة مع الأردن قيادة وحكومة وشعبا".
وعرض للدور الأردني في دعم الشعب الليبي، والمساعدة في إعادة بناء الأجهزة الأمنية والعسكرية، فضلا عن المساهمة في بناء الجهاز البيروقراطي، مشيدا بدور الطاقات البشرية الأردنية، ومؤكدا دورها المستقبلي في بناء ليبيا الحرة.
القذافي دمر ليبيا
ولفت جبريل إلى ما لحق ببلاده من دمار خلال حكم العقيد معمر القذافي، وقال إن "القذافي دمر الدولة عن سبق إصرار وترصد، حيث تلاشت الدولة أمام حكم الفرد، الذي بات مقدما على المؤسسة برمتها، فيما شكل موته ضربة لمحاولات معرفة ما حدث بليبيا على مدى 42 عاما".
ورأى جبريل أن ليبيا اليوم بحاجة إلى تأسيس بنى سياسية واقتصادية واجتماعية وفق علاقات يحددها القانون والدستور، مبينا أن "الثورة الليبية تختلف عن نظيراتها في الدول العربية، إذ أزالت البنى التي أقامها القذافي، واجتثت جذورها، ما تسبب بفراغ سياسي وأمني، وهو ما لم يكن في دول الربيع العربي الأخرى".
واعتبر أن "ليبيا تشهد مرحلة تاريخية كبرى، تعقب 42 عاما من الاستبداد، حيث تقف على بوابات الديمقراطية، التي ستمهد الطريق أمام الأجيال المقبلة لتعيش بحرية وأمان".
وأشار جبريل إلى تحديات عدة تعترض المسيرة الليبية الجديدة، مبينا أن من بينها "الوعي الشعبي لأهمية المرحلة ومقتضياتها وأهدافها، وفقدان سلطة الدولة وغياب مظاهرها، فضلا عن تربص البعض بالثغرات المعلقة والعمل على توسيعها".
وشدد رئيس ائتلاف القوى الوطنية الليبية أن "الوطنية الليبية، بكل تجلياتها، هي الرهان لضمان مستقبل ليبيا الحرة الجديدة"، مشيرا إلى "ضرورة دمج القوى القبلية في أطر سياسية تقدمية".
الإصلاح في الأردن
وفي مداخلة لرئيس "الاتحاد الوطني"، قال إن "الأردن استطاع، بفضل وبصيرة القيادة الهاشمية، تجاوز موجات الربيع العربي بسلام، واستطاع إطلاق قاطرة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بإرادة ملكية رافقها احتضان شعبي".
وبين الخشمان أن "الأردن أنجز تعديلات دستورية جوهرية، تخدم الأجيال المقبلة، وتراكم على الديمقراطية، التي أطلقها المغفور له جلالة الملك الحسين، وحظيت بتوافق وطني حولها".
وأشار إلى "سلسلة القوانين والتشريعات الجديدة الناظمة للعملية السياسية في المملكة، التي من شأنها إعادة إنتاج المشاركة الشعبية في العملية السياسية"، معتبرا أنها "ستنقل الديمقراطية الأردنية إلى آفاق وفضاءات جديدة".
الاقتصادي شريك السياسي
وأكد الخشمان ضرورة الشراكة بين القطاعين العام والخاص لانجاز الإصلاحات الوطنية، مشيرا أن "الاقتصادي شريك السياسي في بناء الأردن، وبناء المستقبل".
واعتبر أن "التلاحم بين القطاعين العام والخاص، على مستويي الدولة والعالم العربي، هو المخرج للأزمات العميقة التي تعانيها اقتصاديات المنطقة".
وحمّل الكابتن الخشمان إخفاق الحكومات، الأردنية والعربية، في إيجاد حلول جذرية للمشكلات الاقتصادية" إلى "غياب الحكومات البرامجية المتنوعة".
وزاد "الإصلاح الشامل يتطلب شراكة بين السياسيين والاقتصاديين، إذ يجب أن يترافق السياسي مع الاقتصادي والاجتماعي".
واستشهد الخشمان بكتب التكليف الملكي السامية، التي أكدت ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتضمنت تشديدا ملكيا على بناء حكومات برامجية اقتصادية واجتماعية وسياسية، مستدركا بالقول إن "الحكومات الأردنية ذهبت بعيدا في استقطاب واسترضاء بعض القوى السياسية، التي تثير البلبلة، فغاب عنها هموم الإنسان الأردني، وأجلت ورحلت الملفات الاقتصادية، ما أدى إلى تفاقم المشكلة الوطنية على مختلف المستويات".
تغيير النهج
وعلى ذات النهج، رأى د.محمود جبريل أن ضرورة "تغيير النهج الاقتصادي"، موضحا أن "نظام القذافي رهن الاستثمار بالسياسة، ما أسهم في خلق اقتصاد مشوه وضعيف، فيما ستسعى ليبيا الجديدة إلى بناء الاستثمار على أسس اقتصادية فقط".
وأكد جبريل أن "الأمن والاستقرار ضرورتان للنهوض الاقتصادي"، غير أنه ذهب إلى ما بعد الاعتماد على النفط في الاستثمار، مشيرا أن "67% من الاحتياطي النفطي استنزف في عهد القذافي، ما يستدعي استثمار ما تبقى في بناء اقتصاد بديل ومتكامل، تشكل الثروات الطبيعية واحدا من أعمدته فقط".
ولفت جبريل إلى "مشكلات الفقر المائي في ليبيا، وقلة العدد السكاني مقارنة بالمساحة الجغرافية الواسعة"، منبها إلى "خطورة وجود أراض واسعة خالية من السكان وسط تزايد النمو السكاني في دول الجوار".
وزاد "للمرحلة المقبلة أولويات تعقب بناء هيبة الدولة، تتضمن التوظيف السليم للموارد، وخلق ثقافة إنتاجية جديدة، غير تلك التي أوجدها النظام السابق، وبناء اقتصاد قادر على التنافسية، وتنمية الأطراف، وإيجاد بيئات لإعادة بناء الانتشار السكاني، وتمكين المواطن الليبي من حقوقه الدستورية".
وتطلع جبريل إلى استفادة ليبيا من موقعها الاستراتيجي وتحولها إلى جسر للتواصل بين إفريقيا وأوروبا، مشيرا أن ذلك يتطلب بنية تحتية ضخمة، تشمل بناء موانئ ومطارات دولية.
آفاق التعاون
وفي هذا السياق، أشار الكابتن الخشمان إلى "عظم حجم التعاون المتوقع مع ليبيا في المرحلة المقبلة"، مستعرضا "القدرات والخبرات الأردنية وتنويعاتها، وإمكانية الإسهام في بناء ليبيا الجديدة".
وتطلع الخشمان إلى "التعاون المشترك لإعادة بناء القطاعين الخاص والعام الليبي"، مشيرا إلى "المنفعة المتبادلة" بين الأردن وليبيا في هذا المجال.
وشدد رئيس "الاتحاد الوطني" على ضرورة "تغيير أنماط التفكير الاقتصادي، حتى يتسنى للدولة تغير السلوك الاجتماعي"، مستشهدا بتجارب دول نامية، استطاعت بناء اقتصاد مستقل ودائم النمو.
وزاوج الخشمان بين القوى السياسية الصاعدة والبرامج التنموية التي تتبناها، داعيا إلى "شراكات وطنية مع القوى البرامجية للنهوض بالملف الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في نفس الوقت".
ودعا الكابتن الخشمان إلى "بناء ثلاثة تيارات وطنية في الأردن، اليمين والوسط واليسار، استنادا إلى رؤى وبرامج سياسية واقتصادية واجتماعية، وعلى قاعدة تخلي الجميع عن أنانيته السياسية للنهوض بالعمل الحزبي والسياسي الأردني".
عودة ليبيا
وفي استدراك منه، سعى جبريل إلى عرض سمات الحالة الليبية، محددا مراحل لعودة بلاده إلى دورها الطليعي، مبينا أنها تبدأ بـ "استعادة الأمن وبناء مؤسسات الدولة، ثم الانطلاق بمرحلة النهوض الاقتصادي، عبر استثمار الموارد وتنميتها، وهو ما حرمت منه البلاد في عهد العقيد معمر القذافي".
وبين أن "ليبيا تمر بعنق الزجاجة، والخروج منه يستدعي نجاح انتخابات المؤتمر الوطني في 19 الشهر الجاري، وذلك بمشاركة مختلف المكونات السياسية والاجتماعية الليبية في الانتخابات، التي ستؤسس لليبيا الحرة الديمقراطية".
ولفت د.جبريل إلى "أهمية انتخابات المؤتمر الوطني، الذي سيتولى صياغة دستور للبلاد، يحدد نسقا للعلاقات بين مختلف المكونات الوطنية، ويؤسس لشراكة تحفظ للوطن الليبي وحدته واستقراره وازدهاره".
وأضاف أن "النموذج الليبي مختلف عن غيره، فأولا: تجذر التيار الإسلامي في ليبيا ليس بنفس العمق الموجود بالدول الأخرى، حيث حظر القذافي وجود أي قوة أو تيار سياسي، ما يضع كافة القوى الحالية على قدم المساواة من حيث القوة والنفوذ والتنظيم، وثانيا: طبيعة الثقافة السائدة في المجتمع الليبي، وضرورة المشاركة في العملية السياسية بكافة مراحلها، وعلى رأسها صياغة الدستور".
وحل د.محمود جبريل ضيفا على حزب الاتحاد الوطني الأردني، فيما أولم له الكابتن الخشمان ليل الجمعة في منزله، بحضور دولتي رئيسي الوزراء سمير الرفاعي وعبد الرؤوف الروابدة، فيما استضافت عشيرة الريالات في عبدون الخشمان وجبريل على مأدبة غداء حضرتها فعاليات سياسية، رسمية وشعبية، فضلا عن شيوخ ووجهاء عشائر أردنية.