المالك والمستأجر .. علاقة تؤزّمها الحكومة والنواب
نبيل غيشان
04-06-2012 03:02 AM
لن تنتهي المشكلة إلا بتحديد مدة لعقد الإيجار .
سنبقى نردد المثل الشعبي "عادت حليمة لعادتها القديمة" لوصف تردد الحكومات وتذبذب المواقف النيابية في إيجاد حل حاسم وتوافقي يرضي طرفي العلاقة في قانون المالكين والمستأجرين.
وقد عادت الحكومة مؤخرا، بعد أن نالت الثقة النيابية عبر تفاهم مع"النواب التجار"، إلى فتح قانون المالكين والمسـتأجرين للمرة الثالثة قبل بدء تطبيقه، من اجل الاستجابة لضغوطات تجار وسط البلد الذين لم يعد يرضيهم تنفيذ مطالبهم بأجر المثل بعد أن تخلصوا من سيف "الإخلاء".
لن تنتهي مشاكل قانون المالكين والمستأجرين إلا إذا وُجد حل عادل للطرفين يقوم على أساس توحيد مبدأ الإيجارة في القانون ومنع العقود الإذعانية أو ما يسمى الإيجارة بقصد التمليك مدى الحياة.
الحقيقة المرة التي لا يريد التجار سماعها هي انهم طرف في المعادلة، وهناك طرف آخر هم المالكون، وأن أي حوار أو تشريع يجب أن يأخذ مصالح الطرفين وليس مصالح طرف دون آخر.
وهذا ما جرى في هذا القانون الخلافي منذ عام 2000 .حيث جرى تعديل القانون واعطي المستأجرون وقتها عشر سنوات من اجل تطبيق إخلاء العقارات وليصبح "العقد شريعة المتعاقدين". وبعد مرور العشر سنوات لم يطبق القانون وأصدرت حكومة سمير الرفاعي قانوناً مؤقتاً معدلاً لتأجيل التطبيق لمدة سنة، إلى أن جاءت حكومة البخيت وقدمت مشروع قانون ألغت فيه بند الإخلاء مقابل دفع أجرة بدل المثل وهي مطالبات المستأجرين وليس المالكين .
عندما وجد المستأجرون انفسهم وجهاً لوجه أمام القيمة الحقيقية للإيجار الجديد دبوا الصوت العالي وضغطوا على النواب وعلى الحكومة الحالية من اجل تعديل القانون بما يريحهم من الضغوط المالية الجديدة، لأنهم يريدون البقاء في عقاراتهم المستـأجرة منذ عشرات السنين دون أن يدفعوا إيجاراً عادلاً حسب القانون.
ونعود لتحذير الحكومة والسادة النواب، فالقضية لن تنتهي وستبقى المطالبات من الطرفين قائمة إلى حين الوصول لحل توافقي يرضي الطرفين على أساس أن العدل سيّد الأحكام، وأن أي حكم أو تعديل قانون يجب أن يحقق العدالة لجميع الأطراف.
ونذكر أن هذا القانون ومنذ 12 سنة كان الأكثر إثارة للجدل والتعديل لأنه لم يحقق العدالة المنشودة، وسيبقى هذا القانون مثار جدل اجتماعي وشكوى ما لم يجر تحديد مدد محددة لعقد الإيجار الموقع قبل عام 2000، لتنتهي محاولات تحويل المسـتأجر إلى"مستعمر" والمالك إلى "شحاد".
التعديل الأخير على القانون بدل أن يأخذ الحق من القوي، عكس الآية وأخذه من الضعيف، وهي الأرملة أو المطلقة التي فُرض عليها الإخلاء لكنه أبقاه للتاجر يتداوله أب عن جد إلى أن يسقط على رؤوسهم .
من ميزات التشريعات، التطبيق والعدالة والديمومة ، لكن هذا القانون يبدو أنه كسر كل الأعراف، وإذا تدخلت الحكومة والنواب اليوم من أجل فرض تعديل لصالح المستأجرين دون غيرهم فإن العدالة تبقى غائبة وسيبقى القانون مثار خلاف.
العرب اليوم