أعزائي قراء عمون .. أرجو ان تعتبروا هذه المساحة {ذاتية} او إعلانية مع الشكر المسبق ل"عمون" وأصحابها:
...........................................................................................................................................
فقدان الأب أشبه بالسقوط في صحن العاصفة بدون {مظلة} فالمظلات في مقدمة بيوتنا لا تخدم طوال العام لكن وجودها {ضرورة} إلى حد بعيد.. حصريا شعرت بأني فقدت مظلتي التي أفهمها وتفهمني عندما مهدت التراب تحت رأس والدي في قبره الأسبوع الماضي وانا اتذكر الشاعر الصديق باسل طلوزي وهو يكتب لي بعدما دفنت والدتي منذ 14 عاما لينشلني من دائرة الحزن..{ إنهض.. هل نترك لهم العالم ونندفن؟}... حتى هذه اللحظة لم أفهم من {هم} أولئك الذي يتحدث عنهم باسل ويطالبنا بأن لا نترك العالم لهم بمعنى ان لا نقف عن {التبديل والحركة} حزنا على وداع من نحب.. وعليه قد يعود ضمير الجماعة على كثيرين.. أعداءنا الإسرائيليون مثلا.. او خصومنا السياسيون .. او حتى التافهون حولنا.
.. بهدوء بالغ وخلال ساعتين رحل والدي الحاج عبد المحسن فلاح البدارين عن الدنيا وكما يفعل {كبارنا} دوما رحل بدون ان يزعج أحدا وبكامل لياقته وتألقه وبعد ساعات من أخر سيجارة هيشي دخنها.. رحل وفوجئت بأنه ترك مبلغا ماليا صغيرا {لكفنه} فأرهقتني الدموع.. حتى عندما يموتون لا يريد هؤلاء الكبار ان ندفع ثمن أكفانهم.. وتذكرت بان بدل الكفن وضعه الراحل- عليه رحمة ألله- في جيب صغيري ووحيدي ليث وهو يودعنا في المطار خلال رحلة علاج للصغير الذي إتفق مع جده على إعادة المبلغ في حال عدم إنفاقه.
.. سمير الحياري قال لي بعد الدفن ..{ختيارك كان متفحا} وكثيرون إعتبروا وفاته حادثا ناعما بسبب سرعة الرحيل والتعازي او الرحيل المفاجيء.. وبسبب عدم ظهور هيئة الأموات على الراحل .. أول ما خطر في ذهني عندما هالوا التراب عليه أني أصطف الأن على دور الرحيل وقد فهم الصديق عبدلله بني عيسي الأمر عندما قلت له أول شيء يفكر به الرجل بعد موت الأب هو ان الموت إقترب منه جزئيا فقد إعتدنا في هذا العالم على نحو أو آخر على رحيل الأم وليس الأب.
.. لسبب أو لآخر لا أحتمل النظر لزوايا المنزل بدون {الختيار} كما كان يوصف ودائما ما خيل لي بان أبي تواجد أولا ثم أقيمت حوله وبسببه عمارة كاملة إسمها {بيتنا}.. هذه الصورة شعر بها مرة الصديق خيري منصور عندما زار {دير الغصون} حين شاهد عجوز تسعيني في مطلع القرية عند الحضور والمغادرة وشعر بان العجوز وجد أولا ثم نشأت القرية حوله... لذلك يخيل لي ان أبي وجد اولا منذ الأزل ثم نشأت عوالمنا حوله وبسببه.
وبطبيعة الحال إستمعت كغيري لكل حكايات الميثالوجيا الشعبية التي تقال عن الأموات في مثل هذه المناسبات .. والغريب اني شعرت بان كثيرا مما قيل وقتها صحيح او شعرت بأنه صحيح .
اما العزاء في الأردن ففرصة لتلمس {أردنيتك} وإكتشاف وطنك على نحو أو آخر.. مثلا فاجئني ان المعارضة في الأردن مثلا {لا تعزي} او لا تفكر رموزها كثيرا في تقديم واجب العزاء قياسا برموز الحكم والحكومة وفاجئني ان بعض {الكبار} في مجتمعنا يحترمون جلال الموت ويتناسون خلافاتهم وحتى إتهاماتهم عندمايتعلق الأمر بالموت والرحيل.
كثيرون خففوا بعزائهم من مصابي برحيل الوالد ولهم كل الفضل والشكر وعلى رأسهم جلالة الملك عبدلله الثاني أطال ألله عمره الذي غمرنا كالعادة بكريم فضله وتعزيته مما خفف عنا ألم الفراق..وبينهم صاحب جلالته والرجال الأنقياء من حوله محمد باشا الذهبي مدير المخابرات العامة.. سيادة الشريف محمد الهيمق وباسم عوض ألله وامجد العضايلة وسالم الترك مع حفظ كريم الألقاب.
الشكر موصول بطبيعة الحال لكل من طوق عنقي بزيارة مقر العزاء والمجاملة ممن لم يفاجئوني بكرمهم ولطفهم وإحترامهم للواجب دولة رئيس الوزراء معروف البخيت ومعالي الأخوة عبد الإله الخطيب وعيد الفايز وسالم الخزاعلة ومحمد ذويب وأمجد المجالي وعبد الرزاق طبيشات وناصر اللوزي والفاضل إبراهيم عز الدين والدكتور نبيل الشريف والفاضلة سيما بحوث والاخ الصديق ناصر جودة مع حفظ الألقاب ايضا.
وكلمة الشكر لا تكفي للتعبير عن إمتناني الشديد لدولة الأستاذ أحمد اللوزي الذي تكبد عناء زيارة العزاء برفقه نجله الصديق ناصر ولا للتعبير عن الشكر الموصول لنخبة من رجالات الأردن الأستاذين طاهر المصري وعبد الكريم الكباريتي ودولة الأخ علي أبو الراغب وغيرهم من الأصدقاء والأخوة والزملاء الذين كانوا خير {أهل} لنا جميعا.
والشكر فوق ذلك لا يغادر من أبرق او إتصل هاتفياً معالي الأخ عبد الهادي المجالي ودولة الأستاذ عبد الرؤوف الروابده ومعالي الأخ سعد هايل السرور والكثير من أصحاب المعالي والسعادة والعطوفة والزميلات والزملاء والأصدقاء من داخل الأردن وخارجه.
اما الشكر فلا يغادر شقيق الروح وصاحب الفضل الصديق خليل عطيه ولا الدكتور ممدوح العبادي ويهمني ان ابلغ زملائي في الأسرة الإعلامية بأن أسرتي الكبيرة غمرتني بلطفها وعطفها وكرمها طوال أيام العزاء ولذلك كل الإمتنان لكل زميل صحفي أو إعلامي شارك في العزاء بأي شكل من الأشكال مؤكدا إنتمائي لعائلة كبيرة.
ول"عمون" ول"الرأي" و"الدستور" و"الغد" و"العرب اليوم" و"سرايا" ولمن سهوت عن ذكرهم كل المودة والإحترام .