الصورة في المشهد الانتخابي
د.نبيل الشريف
28-10-2007 02:00 AM
لم تشهد اية انتخابات وطنية سابقة ما تشهده الانتخابات النيابية الحالية من اهتمام غير مسبوق بالصورة ، الى الحد الذي يمكن ان نرشح فيه الصورة لتكون العنصر الاساسي وربما الاوحد في هذه العملية الانتخابية.
فقد انتشرت في مدن المملكة الرئيسية وخصوصا العاصمة صور المرشحين والمرشحات باعداد كبيرة واشكال مختلفة.. ويبدو ان المرشحين لم يجدوا طريقة افضل من صورهم الشخصية لطرح انفسهم امام الناخبين.
ان هيمنة الصورة على المشهد الانتخابي تقدم دليلا قاطعا على غياب البرامج ، او ادراك المرشحين ان الناس لم تعد تصدق الوعود التي قطعت في الدورات البرلمانية السابقة ولم تنفذ.
وقد خشي المرشحون من انهم اذا ما قطعوا المزيد من الوعود بتحرير فلسطين من البحر الى النهر او بتوفير الحياة الهانئة الرغيدة لكل مواطن ، فان هذا سيخلق اثرا عكسيا لدى الناس يجعلهم ينصرفون عنهم الى مرشحين اخرين ، ففضلوا الاستعاضة عن اطلاق الوعود بعرض الصور ،
وعلى الارجح ، فقد خضعت عملية اختيار الصور الى تمحيص دقيق ، فهي تعود اولا الى عشر سنوات او اكثر الى الوراء. ويبدو المرشح فيها سعيدا مبتسما.
او ربما تكون الصورة قد خضعت الى عملية مونتاج لاخفاء الشيب مثلا حتى يبدو المرشح اكثر شبابا وحيوية.
كما ان الصورة تلخص برنامج المرشح. فرجل الدين الذي يظهر في الثياب الشرعية بكل الوقار والهيبة بعد ان حف الشوارب واطلق اللحى يقول من خلال الصورة انه ملتزم بتعاليم الشرع وسيحاول تطبيقها عند فوزه.
وسيدة الاعمال التي تبدو في الصورة بمظهر حداثي جاد تقول انها ستعمل لتحقيق برنامجها الانتخابي الذي يقوم على الانفتاح ومواكبة المستجدات بكل ثقة. وكثيرا ما يكون اسم المرشح صورة بحد ذاتها.. اذ ان الاسم يكون من ثلاثة مقاطع لتذكير الناس بالارث العائلي المتواصل في الخدمة العامة وتوظيف هذا الارث لمصلحة المرشح.
ان الاهتمام بالصورة امر مشروع وهو وسيلة من وسائل اشهار العملية الانتخابية.. ولكن اخشى ما اخشاه ان نكون قد وصلنا الى وضع اصبح فيه الشكل بديلا عن المضمون ، وان يكون الناس قد ملوا من الوعود المكرورة التي لم تنفذ ، مما جعل المرشحين يعزفون عن اطلاق اية وعود او شعارات ذات جدوى ، مكتفين بالشكل الخارجي ، في مسعى منهم لجعل المظهر ينوب عن الجوهر كما ان ذلك يحدث عندما يكون الشكل اصدق تعبيرا من المضمون.