لا يلام المرشحون لعضوية مجلس النواب الأردني إذا اقتصدوا هذه المرة في طرح الشعارات الساخنة وتواضعوا في تحديد الأهداف ، فهم مجرد أفراد ، والفائز منهم سيكون واحداً بين 110 نواب ، فمن غير المنطقي أن يطرح الفرد على الناخبين برنامج عمل ، وهو لا يملك سوى أقل من واحد بالمائة من قوة صنع القرار في المجلس. وإذا قدم برنامجاً طموحاً فلن يأخذه الناخبون مأخذ الجد ، وسيعتبرون برنامجه مجرد تمنيات ونوايا حسنة.لا يستطيع المرشح الفرد أن يتعهد بشيء لأنه ببساطة لا يستطيع الوفاء بتعهده. ومن الظلم والتعسف أن نطالبه ببرنامج عمل ، لأن البرامج تتعلق بأحزاب تسعى للوصول إلى الحكم لتنفيذ برامجها. أما الفرد فلا برنامج عمليا له سوى الاجتهاد الشخصي تحت مقولة: لكل حادث حديث.
لا غرابة والحالة هذه أن نقرأ في ميادين عمان شعارات قصيرة أشبه بالبديهيات التي لا خلاف عليها مثل: الوطن للجميع ، المواطنة والمساواة ، الإنسان والتنمية والبيئة ، منكـم وإليكم ، معاً من أجل مستقبل أفضل ، صون الوطن وحمايته ، مهما قدمنا فالوطن يستحق أكثر ، العدالة بين المالكين والمستأجرين ، الشباب عماد المستقبل ، المرأة نصف المجتمع ، إلى آخره.
ومما يلفت النظر أننا لم نقرأ تعهداً بمكافحة الفساد ، أو شعارا يؤكد أن الأردن أولاً ، أو دعوة إلى الإصلاح السياسي أو الاقتصادي ، ولم يأت ذكر لقضايا عربية كفلسطين والعراق.
حتى حزب جبهة العمل الإسلامي الذي قدم رزمة من المرشحين ، وسيكون له ثقل ملموس تحت القبة ، وهو وحده المطالب ببرنامج عمل ، فقد اكتفى بشعار (الإسلام هو الحل) وهو نفس الشعار الذي رفعه الإخوان في جميع الانتخابات التي خاضوها في الأردن ومصر وفلسطين واليمن والعراق وغيرها ، وكأن القضايا الراهنة في جميع هذه البلدان واحدة ، وسببها عدم تطبيق الشريعة والأخذ بحلولها لمشاكل العصر كالتنمية والتضخم والمديونية والبطالة ، وكأن الجهات التي أخذت بالشعار وطبقته في سودان الترابي أو أفغانستان المجاهدين ، أو إيران الخميني نجحت في حل جميع المشاكل والقضايا وجعلت هذه البلدان وتجاربها نموذجاً يحتذى في العالم.
في غياب الشعارات المقنعة والبرامج العملية ، كان من الطبيعي أن يعتمد المرشح في المحافظات على إجماع عشيرته ، أما في عمان فيعتمد على صورته الكبيرة الملونة ، وكأننا إزاء منافسة لاختيار صاحب الطلعة البهية والابتسامة الأجمل.