الاستدامة مصطلح يصف كيف تبقى النظم الحيوية متنوعة ومنتجة مع مرور الوقت، وبالنسبة للبشر هي القدرة على حفظ نوعية الحياة التي نعيشها على المدى الطويل، وهذا بدوره يعتمد على الاستخدام المسئول للموارد الطبيعية.
في توضيحه لأبعاد هذا المصطلح خلال الاجتماع التشاوري للمنتدى العربي للبيئة والتنمية AFED الذي استضافته جامعة البترا أخيرا بيّن الدكتور عدنان بدران أن هذا المصطلح يعني بتحسين نوعية الحياة البشرية للناس ضمن حدود الموارد المتاحة، وهو دعوة إلى العمل، وعملية سياسية واسعة الأبعاد تشير إلى الاستراتيجيات التطويرية التي تراعي متطلبات ورغبات الجيل الحاضر والمستقبل معاً، بهدف توفير توازن في المصالح التي تخدم الجميع في الحقول الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وابتكار طرق لتحسين نوعية الحياة دون استخدام قدر أكبر من الموارد الطبيعية، وباختصار، تحقيق المزيد بتكلفة أقل.
كيف لنا أن نضمن إمدادا كافٍيا من المياه ورفع كفاءة استخدام المياه في التنمية الزراعية والصناعية الحياتية. ونضمن الحماية الكافية للتجمعات المائية والمياه الجوفية وموارد المياه العذبة وأنظمتها الإيكولوجي.
وكيف لنا أن نرفع الإنتاجية الزراعية والإنتاج من أجل تحقيق الأمن الغذائي، وتحسين أرباح الزراعة الصغيرة و ضمان الحفاظ على الأراضي والغابات والمياه والحياة البرية والأسماك وموارد المياه في ظل استمرار التأثيرات السلبية لظاهرتي البطالة والفقر في المجتمع ..
وما هو السبيل لرفع مستوى الرعاية الصحية والوقائية وتحسين الصحة والأمان في أماكن العمل. و فرض معايير للهواء والمياه والضوضاء لحماية صحة وضمان الحماية الكافية للموارد البيولوجية والأنظمة الإيكولوجية والأنظمة الداعمة للحياة في ظل الازدياد الكبير للسكان ومتطلباتهم .
وكيف لنا الحصول على السكن المناسب بالسعر المناسب ومعالجة قضايا الصرف الصحي والمواصلات واستخدام الأراضي والغابات والطاقة والموارد المعدنية. والاستعمال الرشيد لموارد البناء ونظم المواصلات والحصول على السكن المناسب بالسعر المناسب بالإضافة إلى الصرف الصحي والمواصلات والاستخدام المستدام أو المثالي للأراضي والغابات والطاقة والموارد المعدنية في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها المجتمع .
أسئلة كثيرة طرقها المؤتمر تدور حول زيادة الكفاءة الاقتصادية والنمو وفرص العمل و دعم المشاريع وخلق الوظائف و ضمان الاستعمال المستدام للموارد الطبيعية الضرورية للنمو الاقتصادي ، فهل من آذان واعية للمستقبل وتبحث عن إجابات.
ونحن في عصر التكنولوجيا والقدرات التنافسية، بحيث تستطيع تقنية المعلومات أن تلعب دوراً مهماً في التنمية المستدامة، فهل نستطيع تسخير الإمكانات اللامتناهية التي توفرها تقنية المعلومات من أجل إحلال تنمية مستدامة اقتصادية واجتماعية وبيئية، وتعزيز أنشطة البحث والتطوير لتعزيز تكنولوجيا المواد الجديدة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتكنولوجيات الحيوية، واعتماد الآليات القابلة للاستدامة.
وهل نستطيع تعزيز بناء القدرات في العلوم والتكنولوجيا والابتكار، بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الاقتصاد وتعزيز التنافسية وزيادة النمو الاقتصادي وتوليد فرص عمل جديدة وتقليص الفقر.
تساؤلات كثيرة تستحق التفكير والتأمل حول تخطيط الأعمال والبرامج من أجل الاستدامة، هذا المفهوم الذي يذهب أبعد من مجرد برامج مسؤولية اجتماعية قصيرة المدى، ليشكّل نهجاً استراتيجياً ومستداماً لتطبيق المبادرات التي تسهم في تنمية المجتمعات والاقتصاد. هذا المفهوم بدأ يفرض إيقاعه بقوة في الفكر المؤسسي بما يتضمنه من نظرة شمولية تبتعد كثيراً عن مجرد التفكير في الربح المادي ليصبح نهجاً يقوم على حزمة من المبادئ المجتمعية والأخلاقية والبيئية، تهدف إلى تحويل المجتمع إلى مجتمع أكثر استدامة ويحفظ موارد الوطن.
لعل جامعة البترا وهي تقرع هذا الباب، إنما تهدف إلى تسليط الضوء على" عقلية الاستدامة" وتعزيز الكفاءة والتحدي لاستيفاء الاحتياجات الآنية للإنسان من المواد الطبيعية، والمنتجات الصناعية والطاقة والغذاء والماء والمواصلات والمأوى والإدارة الفعالة للنفايات وغيرها، دون أن يؤدي ذلك إلى إتلاف البيئة أو استهلاك الموارد التي تحتاجها الأجيال القادمة.
staani@uop.edu.jo