الدولة العبرية العتيدة، تستطيع ان تختار الزهرة البرية العربية في فلسطين قرن الغزال، لتمثيلها رمزياً في حديقة الورود، في اولمبياد الصين، الصيف القادم. وتستطيع ايضا، برغم ما في ذلك من وقاحة معرفية وثقافية، ان تختار شجرة الزيتون، في فلسطين التاريخية، لتمثيلها هناك.بل وتملك ايضا قوة التقنية، لنقل بيئة اخر الشتاء، التي تزهر فيها قرن الغزال، الى بيئة صيف الصين. فلها من سلطة القوة ما يمكنها. ولها من قوة السلطة ما جعلها حقيقة سياسية في حوض المتوسط الدامي.
ما يصعب على الدولة العتيدة، هو خلق ثقافة شعبية بين ناسها حول النبتة البرية. قد تستطيع سرقة رموز شعب، ولكن يصعب عليك انتحال صفاتها وثقافتها. فشجرة الزيتون صارت في ثقافة شعوب الارض رمزاً لعرب فلسطين وكفاحهم المديد. فالزيتون يميز كل دول حوض المتوسط، وتمتاز هي به، غير ان بيت جالا العربية، منحته بزيتها الاغلى والاكثف في الكون، بسخاء الى عرب الديار. فصار رمزاً لهم، ولتراثهم المهدور والمستباح.
ان امعنت نحو بادية الشرق، شرق المتوسط، فسيطالعك الناس بأن اسم الزهرة المسروقة هو: عصا الراعي. وإن يممت نحو شمال البلاد، فسيقولون انها: بخور مريم. وان صعدت اكثر نحو لبنان، ستسمع اسماً جديداً لها: دويك الجبل. وفي عمق الساحل العربي يتواضعون للزهرة اكثر، فيقولون: سيدو دويك الجبل. وفي الجزائر يقولون: عساليج. وفي جوارها: سلطان الجبل. وبالسريانية: عرطنيثا. وفي تونس لا ينبت بخور مريم من النوع الفارسي الا في جبل بوقرنين.
في العادات الشعبية العربية في فلسطين تجمع ازهار بخور مريم، ليصنع منها اطواق تعلق في اعناق الامهات. فالثقافة الشعبية تربط الزهرة بالسيدة مريم العذراء. والاساطير تعيدها الى عادات قديمة، لمنح الامهات العفة والطهارة، تشبهاً بالسيدة العذراء.
للزهرة جمال آخاذ، ومؤنس. ولها شكل القلب. أما ألوانها فبيضاء مزهرة. تزهر قبل الربيع، كعادة النبات البري في فلسطين، كأنها تستأذن للربيع في القدوم. أو كأنها تمارس حياء النيروز وخفره للتأخر.
للصين حديقة ورودها القادمة، ولها ان تقبل ما تشاء من رموز الشعوب المسروقة، تحت شعار: نحن في عالم واحد. وللدولة العتيدة ان تنهب ما تشاء من رموز الارض العربية، الممتدة من البحر الى الرمل. وللنخب، على انواعها، ما تشاء من الصمت غير النبيل. اما الناس، في هذه البلاد كلها، فسيبقون يغنون لعصا الراعي أو قرن الغزال او دويك الجبل، او بخور مريم: .. والنحل من بخور مريم ينتشي/ ونيسان من قطر الندى عم يرتشي. فللناس وحدهم الاسماء الحسنى، لما تنتج هذه الارض من جمال ومن خير. أما الغزاة فلهم عتمة البحر، ورمل النسيان.
FAFHEH@YAHOO.COM