عن "اللي فوق واللي تحت"لميس اندوني
27-05-2012 03:39 PM
عمون - إذا صحت المعلومات المتوفرة بأن الحكومة قررت عدم رفع الأسعار, فلا يسعنا إلا الترحيب بالقرار لتجنيب فئات اجتماعية واسعة من معاناة إضافية تدخل آلاف الأسر الأردنية في متاهات الفقر والحرمان. فقد لا ينتحر جميع الفقراء والمعوزين, كما فعل الشاب مصعب بعد فصله من شركة الكهرباء يوم الخميس الماضي; لكن يجب أن نتذكر دائما أن العيش أصعب من الموت أحياناً عندما يفشل أب في توفير قوت يوم عائلته, وتغلق الأبواب في وجهه وتظلم الدنيا في عينيه. مخاوف الحكومة من ثورة الجياع في محلها, لكن قلقها من تمرد شعبي يجب أن ينبع من حس إنساني حقيقي بمعنى الفاقة والجوع, بصراحة لا اعتقد أنه موجود عند معظم من شاءت ظروفهم أن يكونوا في موقع اتخاذ القرار, ومن قناعة بضرورة تغيير نهج اقتصادي كامل يستوجب تحديد أولويات النفقات حتى لا يدفع الأفقر بيننا ثمن رفاهية الأقدر فوقنا. كنت أحب أن أعتقد, أن الأردن ما زال في صباه, ولم تُشّرش فيه ثقافة "اللي فوق واللي تحت " ولكنني كنت أعرف وأكتشف مراراً أن هذا التشوه الذي يفقد أصحاب الامتيازات التعاطف الإنساني, ولا أقصد الشفقة هماً, يعمي الأبصار ويغلق القلوب. أقول هذه الكلمات ليس فقط بسبب قرارات, اتخذت في سنوات ماضية, زادت الناس بؤساً, ولكن لأنني ما زلت تحت وقع تأثير الكلمات المتبادلة, الصادمة في معانيها, بين رئيسي الوزراء ومجلس النواب; فمن يتعامل, بعقله بازدراء تجاه أولئك, الذين لهم ماض أو حاضر في الانخراط في صفوف المعارضة بالأخص اليسارية منها, فمن لا يحترم الذين قادهم التزامهم بحقوق المواطن والإنسان إلى النضال متحدين القمع والتحقيق والاعتقال, كيف له أن يتفهم من هم في أسفل السلم الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع? قد يتساءل بعضهم عن علاقة الرسائل "الدعابة "بطبيعة السياسات والإجراءات الحكومية, وعن عدم احترام المعارضة, بالأخص التي دفعت ثمن مواقفها, يلخص في جوهره العقلية الاستعلائية, المعزولة في فقاعتها, التي لا تستطيع أخذ الفئات المحرومة والمكافحة عند اتخاذ أو توقيع قرارات قد تصيب مقتلاً عائل في الشوبك, أو وادي الحدادة أو المفرق. يكفي جميل النمري شرفا أنه أمضى شبابه في صفوف تنظيم ناضل من أجل الأردن وفلسطين, وفقد أخيه ميشيل شهيدا في معركة التحرر من الاستعمار الإسرائيلي; ويكفي موسى المعايطة فخراً أنه لم يؤت وزيراً إلا عندما احتاج النظام إلى شخصيات لديها صِدْقية ومصداقية لدى الحراك الشعبي; أما الدكتور خالد الكلالدة, اضافة إلى صلابة مواقفه, فيكفيه احترام ومحبة وإخلاص كل من لجأ إليه طبيباً رحيماً, وإنساناً شهماً وشجاعاً, يحتضن المناضلين ويواسي أمهات المعتقلين والمظلومين وهم في بلادنا والعالم العربي كثير كثير. فمن لا يحترم هؤلاء لن يستطيع التفكير بمصعب أو غيره من الشباب, لا في الهاشمي الشمالي, حيث عاش مصعب ولا في الأغوار ولا في مخيم أو قرية في ربوع الوطن وربوعه. فعودة إلى نية الحكومة بعدم رفع الأسعار, فأرجو يا سادة, أن لا يكون مبعث القرار هو فقط من قبيل الحفاظ على استمرار الحكومة, وتجنب ثورة الجياع, وهي أسباب ذكية والثاني فيها بالذات مفهوم ومشروع, بل يجب أن يكون هكذا قرار جزءا من استراتيجية وطنية¯ تأخذ باعتبارها مصالح جميع فئات المجتمع الأردني ولا تهدف إلى إجبار الفئات المستضعفة ثمن إنقاذ الدولة من مأزق مالي ليس لهم فيه ناقة ولا بعير. المشكلة أن الكثير من المسؤولين, كما أظهرت عدسة زميلنا في العرب اليوم محمد العلاونة, ليس لديهم أي تقدير لمن يعارض أو ينبه أو حتى يتمنى على المسؤولين الإصغاء إلى صوت الناس, لذا أنا أشك أن قرار رفع الأسعار, يدخل فقط في حسابات النظام الهادفة إلى إضعاف وعزل الحراك الشعبي, وإذا صح ذلك فانه يدخل الأردن في متاهة أدهى, خاصة وأن نسبة اقتراض الحكومة من البنوك المحلية لا يمكن زيادتها من دون وضع مصلحة الشعب الأردني حتى الطبقات العليا في خطر. وحتى في حال وصلت معونات خليجية أو غيرها فقد حان الوقت لتغيير النهج وعدم استمرار صناع القرار في عليائهم وتكبرهم, فهم, وأهم من ذلك الوطن بحاجة إلى سماع أصوات ومقترحات, هؤلاء الذين اختاروا الانحياز إلى صف الناس, بينما كان هؤلاء السادة مشغولين بترتيب أوضاعهم لضمان وزارات ومناصب - أبعدتهم عن هم الناس وعزلتهم عن الواقع; فالوضع قد تغير والأردن قد تغير "واللي تحت" صار صوته أعلى من "اللي فوق". |
بس وشو علوم اللي بالوسط طال عمرك
انا مستعد
مقال رائع يا حلوه لانه الي تحت عنده كل الشرف والمباديءالي مش موجوده الا نادرا عند الي فوق
واضح انك من اللي ...
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة