في عيد الوطن ومعانيه .. بقلم: نصوح المجالي
mohammad
24-05-2012 11:43 AM
نحتفل هذه الايام بالذكرى السادسة والستين لاعلان الاردن مملكة مستقلة, سبقها مرحلة تأسيس الدولة في عهد الامارة التي امتدت ربع قرن قبل الاستقلال, فنظامنا السياسي بقيادته الهاشمية, الاطول عمراً والاكثر استقراراً في المنطقة العربية.
لقد ساهم طموح القيادة الهاشمية وطموح الشعب الاردني وهمة الطلائع التي بنت الدولة الأردنية ومؤسساتها منذ مطلع القرن الماضي, في اجتراح معجزة تحقق فيها لبلدنا ما لم يتحقق للعديد من بلدان الوفرة, وكان العامل الانساني في بلدنا القوة الدافعة والروح الوثابة التي عوضت الاردن عن شح الموارد, وبينما كان غيرنا يغرف من وفرة وبحر كنا ننحت من صخر ومع ذلك اجترح الاردنيون هذا الوطن بمؤسساته واركان أمنه وخدماته ووعيه وسعة تعليم ابنائه, وطموحه الواسع ليتفوق الأردن على ظروفه وليتحمل مسؤوليات جساماً تجاه أمته وقضاياها تفوق طاقته.
ولم تخل مسيرة الاردن من عثرات وازمات وحروب نشبت في المنطقة وهجرات طارئة اثقلت على مسيرته ولا من اخطاء في اداء الحكومات أعاقت الاستحقاقات السياسية والاقتصادية التي ما زالت الشغل الشاغل لشعبنا ودولتنا وقيادتنا.
فكل استحقاق تم تأجيله في مرحلة سلفت ما زال تحديه يواجهنا ويلح علينا, فشراء الوقت قد يكون تذكرة عبور لحكومة او حقبة ما, لكنه يبقى عبئاً على حكومات لاحقة وعلى المجتمع, فما زالنا نواجه تحدي بناء الديمقراطية وتوسيع دائرة المشاركة الشعبية وصنع القرار وتنظيم الادوار السياسية بين فريق يحكم بخيار الشعب وفريق يعارض من داخل النظام السياسي, وآلية دستورية تضمن تداول السلطة وتضمن حقوق المواطنة بأبعادها القانونية والسياسية لتكون قوة المجتمع مصدر قوة النظام السياسي والمعين الذي يدفع بالنخب السياسية عبر صناديق الاقتراع لممارسة السلطة ويكون الشعب بممثليه رقيباً على اداء السلطة التنفيذية وشريكاً فاعلاً في السلطة التشريعية.
ومع ما تحقق لنا من خطوات اصلاحية قانونية ومؤسسية تمهد للاصلاح الديمقراطي ما زال امامنا مراجعات وطنية هامة وجميعها تتصل بالارتقاء بالمواطن ، قدراته، ومستوى معيشته وتنظيم دوره في العملية السياسية وضمان حقوقه وحرياته.
والاعتماد على الذات يبقى ملاذنا الاخير وذلك يعني الاعتماد على الانسان وقدراته وانتاجيته وقدرته على تحمل الصعاب واجتراح الحلول واعادة تنظيم الدولة والمجتمع لاجتياز الازمة الاقتصادية والسياسية بمزيد من العمل المنتج والتلاحم الوطني والتضحية ومزيد من اصلاح آليات عمل الدولة ومؤسساتها.
لقد تأخر الاصلاح الديمقراطي وساهمت ظروف المنطقة في ذلك كما تعثر الاداء الاقتصادي مما فاقم معاناة المجتمع.
والشعب ايضا تأخر عليه علاج اوضاعه الاقتصادية وازدادت حرارة مطالبه السياسية والاجتماعية لانصاف الانحاء والمناطق التي طالها التهميش وللتخلص من مظاهر الخلل والترهل في الدولة والاستجابة لمطالب المجتمع وحقوقه مع الحفاظ على سلامة الدولة ونظامها السياسي.
لقد أزفت اللحظة التي لا بد من مواجهة الحقائق والاستحقاقات فيها بروح وطنية تكون فيها سلامة الوطن واستمرار نمائه وامنه وكرامة مواطنيه فوق كل اعتبار ولا تنقصنا الارادة السياسية ولا القيادة الواعية لتحقيق ذلك.
والحاجة ملحة للتوافق على برنامج اصلاح اقتصادي وطني عابر للحكومات يواكب عملية الاصلاح السياسي والديمقراطي، فعجز الموازنة عجز في الانفاق الحكومي ينتهي بالمديونية، أما البطالة وقلة الاعمال فعجز في المجتمع يؤدي ال ازمة بين الدولة ومجتمعها ولا بد ان تكون اهداف البرنامج الاقتصادي مرتبطة بحاجات المجتمع لان في نجاحه امن وامان الوطن والمواطن وكلاهما وجهان لحالة واحدة.
لم يعد بالامكان الاستمرار في اعطاء اولوية للمشاريع الاقتصادية التي تحقق ربحاً سريعاً لأصحاب رأس المال وحدهم دون الالتفات للمردود الاجتماعي او اعطاء الاولوية للبعد الانتاجي المولد لفرص العمل.
تحدٍ مهم يواجه دولتنا في عيدها السادس والستين ونحن على ابواب قرابة قرن من عمر الدولة الاردنية المديد باذن الله، ان نتمكن من الانتقال الآمن الى مرحلة ننشدها من الاصلاح الشامل برؤية وبرنامج وطني واضح، دون ان نلتف على اوجاعنا الاقتصادية والاجتماعية او ان نقفز عن الاستحقاقات السياسية الملحة، بذلك ننتصر لاستقلال دولتنا وسلامة نظامنا السياسي, ونجتاز مصاعب ومخاطر المرحلة بالتوافق على تعزيز بناء الوطن والنظام السياسي واعادة تنظيم علاقة الدولة مع مواطنيها, هنا تكمن بوابة الدخول الى المستقبل وتعزيز الثقة في وطننا ونظامنا ونحن قادرون على جعل عيد استقلال الوطن حصاد خير في كل عام وعملاً منتجاً نزجيه للاجيال القادمة بأداء وطني يليق بالأردن.. ذلك هو التحدي الوطني الراهن والأردنيون قادرون عليه بهمة الشعب والقيادة.
مبارك عيد الوطن وكل عام وشعبنا ووطننا ومليكنا ودولتنا بألف خير..