استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية
فالح الطويل
19-05-2012 04:06 AM
لقد جاء هذا الاستطلاع بعد أقل من أسبوعين على تشكيل الدكتور فايز الطراونة لحكومته، وفي ظروف سائلة يكون الناس فيها، عادة، أقرب إلى تلمس طريقهم منهم إلى تشكيل رأي ناجز ونهائي يركنون لصدقه.
فالوطن يمر بخانق اقتصادي يتفاقم فيه عجز الموازنة، تنوي الحكومة، للتقليل من أثره، رفع الدعم عن كثير من السلع، بالإضافة لوعود في زيادة الضريبة على الصناعات الاستخراجية والبنوك والاتصالات وترشيد الاستهلاك، وترشيق الحكومة؛ وإحساس لدى المستجيبين بأن الحكومة ستضطر لحل كثير من المؤسسات والهيئات المستقلة التي رهلت الإدارة وضاعفت حجم القطاع العام ثلاث مرات.
وقد عكست هذه الوقائع والمواقف والتطلعات نتائج استطلاع العينة الوطنية التي وثق نصفها تقريبا- 50% في أن البلد يسير بالاتجاه الصحيح؛ بينما رأى قرابة النصف الثاني من عينة قادة الرأي غير ذلك، وخاصة منهم الحزبيون وكبار الاقتصاديين الذين سيتحملون كثيرا من مهمات التصحيح.
يظهر الاستطلاع أيضا أن غالبية المستجيبين يثقون بقدرة الحكومة على مواجهة الاستحقاقات، بما تتوفر لديها من نية صادقة بالسير بتنفيذ الإصلاحات، وخاصة ما يتعلق منها بمحاربة الفساد واجتثاثه وتصفية آثاره، وقدرتها، بمساعدة الأصدقاء، على الخروج بالبلاد من هذه الضائقة.
ومما يساعد غالبية المستجيبين على الوثوق باستنتاجهم أن حكومة الطراونة، وهي الرابعة في مدى نيف وثلاث سنوات، لا تمتلك ترف الوقت أو إضاعته في ترتيب أولوياتها، فهي:
أولا: حكومة انتقالية محكومة، لكل الحسابات العملياتية، ببرنامج دقيق ومحدد وهو الانتهاء من مجموعة القوانين الناظمة للعملية الإصلاحية، مثل قانون الانتخاب والأحزاب والمحكمة الدستورية بالإضافة إلى تمكين الهيئة المستقلة من كل ما يمكنها من إدارة الانتخابات القادمة بنزاهة وشفافية والخروج منها ببرلمان ممثل للناس ينتقل بهم من ديمقراطية الواجهات إلى ديمقراطية حديثة.
ثانيا: أنها محكومة للانتهاء من مهمتها بمدى زمني لا يتجاوز، حسب كل التقديرات، خمسة الشهور، سيكون عليها بعدها، ووفقا لمقتضيات دستورية، أن تخلي المكان، لحكومة انتقالية أخرى تجري الانتخابات، قبل نهاية هذا العام، حسب ما أعلن جلالة الملك في مناسبات وطنية ودولية.
ثالثا، وهي، وبسبب هذا البرنامج ومهلته الزمنية القصيرة، ستكون، ربما، الحكومة الأكثر حرية في تاريخ حكوماتنا في إنجاز كل ما ينفع الناس ويمكث في الأرض. ولو نجحت، خلال ولايتها القصيرة بالتغلب على الضائقة الاقتصادية التي نمر بها، فسوف تدخل تاريخنا من أوسع أبوابه، علما بأنها تمر بظروف مواتية تؤهلها لتحقيق ذلك؛ فقد تعب الناس من المسيرات والاعتصامات، والاستقواء بالخارج، وخسرت البلاد كثيرا، جراء ذلك. ويشعر الجميع بضرورة التوقف والبداية من جديد بروح جديدة.
هل كانت هذه الاعتبارات وراء ثقة العينة الوطنية، بكل ما تتميز به من ذكاء فطري مباشر، في أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح؟ ربما!!
يمكن القول، بطمأنينة، أن هذا الاستطلاع سيكون علامة فارقة تقاس بنتائجه المسافة التي سنكون قد قطعناها بعد مرور 100 يوم على حكومة الدكتور الطراونة في الدوار الرابع.
الرأي