وجهاء العشائر والمجتمع المحلي الذين التقتهم اللجنة القانونية في مجلس النواب، طلبوا دفن الصوت الواحد الذي بشرنا دولة رئيس الوزراء أنه لم يدفن بعد. وفوق ذلك، طرحوا آراء متقدمة بشأن بقية عناصر النظام الانتخابي. أما إجرائيا، فقد طرحوا مقترحا وجيها هو استخدام الحبر السري، أو الحبر الذي يدوم على الإصبع.
ونقترح على رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب أن يأخذ هذا الاقتراح بعين الاعتبار؛ فهو إحدى الوسائل الموثوقة لمنع التزوير، ليس الحكومي فقط ولكن أيضاً من المرشحين وأنصارهم. وغالبا يستوجب التزوير إدخال الشخص أكثر من مرة للتصويت عن آخرين أو ببطاقات مزورة وغير ذلك. ومع هذه الخطوة من جانب الهيئة، ستوجه رسالة قوية للمجتمع حول نوايا الهيئة الجادة في مكافحة كل احتمال للتزوير. وثقتنا كبيرة برئيس الهيئة الذي أصدر تصريحات قوية بشأن نزاهة الانتخابات، لكن إجراءات استثنائية من طراز استخدام الحبر ستدعم هذه الثقة. وبالعكس إذا جرى التمنع عنها بذرائع شتى، منها مثلا أننا بلد متطور لا يجدر به اللجوء الى أساليب جديرة بدول متخلفة.
والحقيقة أن تزوير الانتخابات هو ذروة التخلف. ولا يجرؤ أحد على الادعاء أن الانتخابات في الأردن حتى الآن كانت نظيفة تماماً. وهناك إجماع في كل أوساط المجتمع أن هذه الممارسة باتت استفزازا لا يمكن احتماله، وإهانة للناس لا يمكن قبولها. وعلى الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات أن تعي الدرس جيدا، وإذا كانت هناك جيوب هنا وهناك لا تتعلم ولا تعي تغير الزمن، فعلى الهيئة التي تحوز الآن على سلطة مستقلة كاملة أن تردع كل من يفكر بالطريقة القديمة.
نزاهة الانتخابات لم تعد وحدها الحل، وإن كانت القاعدة الأساس التي بدونها لا معنى للانتخابات ولا الديمقراطية ولا الحقوق. فإلى جانبها، يضع النظام الانتخابي على المحك النوايا الإصلاحية. وقد هربت الحكومة من المسؤولية بالقول إن القانون لدى مجلس النواب يفعل به ما يشاء. لكننا لا نشتري الادعاء بأن السلطات الأخرى تجلس هناك تتفرج على السلطة التشريعية ماذا تفعل.
كل أوساط القرار ستكون شريكة حتى الدقيقة الأخيرة في القرار الذي سيصوت عليه النواب. وهنا، يستحسن أيضا الإصغاء الى الصوت القادم من الوسط، الذي تفترض السلطة دائما أنه الأكثر ولاء لما تريد، بما في ذلك الصوت الواحد. ممثلو العشائر عارضوا الصوت الواحد، وعارضوا الصيغة البائسة المطروحة للقائمة، كما عارضوا تصغير الدوائر.
إن الثوابت الإصلاحية التي لم يعد مقبولا التراجع عنها هي تجاوز الصوت الواحد والدوائر الصغيرة، إلى جانب إدخال القوائم النسبية، وفي هذا الإطار يمكن اجتراح صيغة ملائمة. هناك عدة بدائل، وكلها ضمن الثوابت الوطنية، أما الصوت الواحد فلنتفق أنه دفن فعلا في هذه المرحلة التي نبحث فيها عن جديد
الغد