هي المرة الاولى التي يتسمر فيها مواطن عربي امام شاشة التلفزيون ليرى مناظرة حية ومباشرة بين مرشحين يخوضان الانتخابات الرئاسية في اي بلد عربي مهما كان صغيرا او كبيرا ما يعني ببساطة اننا امام تحول تاريخي سيبنى عليه مستقبلا.
المرشحان المتناظران هذه المرة كانا عمرو موسى وعبدالمنعم ابوالفتوح وتمت محاورتهما بكل اقتدار ومهنية وحرفية مع قلة خبرة الاعلام العربي او حتى انعدامها في هذه المجال الا ان الاعداد الجيد والاجتهاد في المواقف الحرجة والخبرة المتراكمة هي التي اخرجت المناظرة الى ما جاءت عليه من رفعة في الاسئلة والاجابات التي كانت مجهولة لدى كثيرين ممن تابعوا هذه المناظرة او المساجلة.
الموضوعات التي تطرق اليها المتناظران غطت كل مساحات الاهتمام من زراعة وصناعة وصحة وتربية وتعليم وسلام واقتصاد واجتماع وتنظيرات المستقبل والحلول المقترحة ظهر فيها عمرو موسى متماسكا الى حد ما على الرغم انه مثل المرشح الذي يريد الوصول الى كرسي الرئاسة مهما كلفه ذلك من ثمن وكأنه يريد ان يختم حياته رئيسا لمصر كما كان متوقعا من قبل الجماهير العربية التي لن تساعده في الانتخابات لان اهل مصر هم الذين سيقررون من رئيسهم ولكن دعوات الخير والتمنيات هي التي سوف يسمعها من قبل ومن بعد.
اما عبدالمنعم ابوالفتوح فظهر اكثر قدرة على استلام الرسائل وامتصاص الغضب والاستفزاز ليعيد ارسال الكرة من جديد الى خصمه في المناظرة والمعركة الانتخابية وكان اقرب الى تفهم ما يريده الناس فلعب على عواطفهم واستطاع الوصول الى كنه نبض الشارع ويبدو ان سني سجنه ايام المخلوع حسني مبارك جعلته اصلب عودا ولم يستطع عمرو موسى ان يطيح به في اخر جولات الحوار عندما اشهر كتابا لابوالفتوح يتحدث فيه عن استخدام العنف وسيلة للوصول الى الاهداف وبغض النظر ان كانت الكلمات كلماته والعبارات عباراته ام لا الا انه حاول ان يقنع الناس ان تفكيره لم يعد كذلك وانه يتعامل مع الواقع وانه لا يفرق بين امرأة ورجل ولا دين واخر، الى ذلك حطت المناظرة رحالها امام الناس الذين سيقررون من هو رئيسهم وهكذا كان الرجلان يخاطبان الشارع بكل قوة وهناك من حاول ان يلتصق بمواقفه وتاريخه ومن كان يريد ان ينسلخ عنه متطلعا الى الغد الذي يصبح فيه رئيسا ليقول كلمته ويبين مكانته التي يستحقها.
عمرو موسى ظهر منهكا وكأنه يطلب من الناس ان يسامحوه على ضعف صوته فيما كان ابوالفتوح قادرا على الاطالة ما يعني ان خبرته الخطابية امام الناس لعشرات السنوات التي سبقت ساعدته في ايصال فكرته اكثر من عمرو موسى.
الا ان المظاهر الخارجية للمرشحين سوف تلعب دورا كبيرا في حسم المواقف في صناديق الاقتراع وهي التي سوف ترجح كفة هذا المرشح او ذاك وقد كان عمرو موسى مدافعا عن فترة توليه منصب وزير الخارجية في عهد مبارك وكونه امينا عاما سابقا لجامعة الدول العربية حيث استطاع ابوالفتوح ان يوجه له الكثير من سهام النقد وكانت كلها مسعفة للخير لان المسؤول لا يستطيع ان يرضي كل الاطراف ويستطيع اي مدافع او متناظر او ناقد ان يوجه نقده لتلك المرحلة وهنا كان موسى مسؤولا وابوالفتوح مسجونا وتدور الايام ليستفيد الاخير من سجنه ويلام عمرو موسى على ايام ولايته لوزارة الخارجية المصرية الا ان كل هذا ليس حاسما بكل ما في الكلمة من معنى بل هي محاول لفتح الطريق امام الناخبين للقول لهم هؤلاء مرشحون اختاروا من بينهم من ترونه افضل لمستقبلكم.
الدستور