الملك ونتنياهو - أيمن الحنيطي*
16-05-2012 02:39 PM
ما نعرفه عن طبيعة العلاقة بين الملك عبدالله الثاني ورئيس وزراء إسرائيل نتنياهو أنها علاقة متأزمة، ازدادت توترا في الآونة الأخيرة بسبب تعنت الأخير وسياسته الاستيطانية في القدس والضفة المحتلتين، هذه السياسة التي قوضت فرص السلام في المنطقة إلى ابعد الحدود، لكن ما يثير الفضول هو معرفة ما إذا كانت هذه العلاقة بين الزعيمين وصلت إلى حد القطيعة التامة أم لا ؟.
خلال الأسابيع الأخيرة حدثت تطورات هامة ينبغي التوقف عندها، وربما يمكن من خلالها الإجابة عن السؤال السابق، في 29 نيسان الماضي توفي والد نتنياهو بنصيون (ناهز 102 سنة) وجلس نتنياهو سبعة أيام لتلقي العزاء بوالده بحسب العرف اليهودي، وخلال هذه الفترة تلقى العديد من الاتصالات وبرقيات التعزية من أهم قادة العالم.السؤال المطروح هنا هل تلقى نتنياهو التعازي من الملك؟ .
من خلال متابعة الحدث باهتمام لم يصدر رسميا عن الديوان الملكي أي خبر حول برقية تعزية من الملك لنتنياهو، كما هو العرف السائد بمثل هذا الحدث مع باقي الدول التي تربط الأردن بها علاقات، ولم نرصد في الصحافة الإسرائيلية أي شي من هذا القبيل سواء بالقنوات السرية، أو من خلال سفارتنا في تل أبيب.
على افتراض أن التعزية لم تحدث وهنا نضع احتمال ضئيل بان الملك لم يحط علما بالحدث، وهنا تأتي مسؤولية مستشارية الديوان، أو أن الملك علم بالموضوع لكنه اجل الإجراء لاحقا لدراسة الخطوة جيدا، وربطها بتطورات "ايجابية" قد تحدث على الساحة الإسرائيلية، وكون الشأن الداخلي يتصدر سلم أولويات الملك، فان نتنياهو المتعنت بفعل عقلية القلعة، يأتي لاحقا، وهذا احتمال قوي جدا لما نعرفه عن الملك من حنكة سياسية.
يعرف الملك باطلاعه الواسع ومتابعته الحثيثة للأحداث، لكن حدث عزاء نتنياهو بوالده تزامن مع انشغال الملك بجولاته الميدانية على العشائر والمخيمات، وهنا يمكن أن تكون المعلومة قد مرت مرور الكرام، دون أن يتنبه لها احد، وربما يكون انتقال امجد العضايلة مستشار الملك الإعلامي للعمل بمنصب سفير في تركيا، وبقاء موقعه شاغرا للان هو ما احدث مثل هذا الخلل، إن وجد، في إيصال المعلومة، وهذا احتمال كبير.
على الساحة السياسية الإسرائيلية حدثت تطورات دراماتيكية عصفت بالكنيست والشارع الإسرائيلي، فكانت الانتخابات العامة قاب قوسين أو ادني لولا اتفاق مفاجئ بين نتنياهو وموفاز باللحظات الأخيرة على تشكيل حكومة وحدة مما منح نتنياهو اكبر ائتلاف بتاريخ إسرائيل ( 94 صوتا من أصل 120 )، واضعف تيار اليمين المتشدد داخل ائتلافه مع انه قوض المعارضة ل 26 صوتا فيما اعتبر ضربة قوية للديمقراطية الإسرائيلية (يديعوت احرونوت).
نتنياهو ومن خلال رسالة محمود عباس الأخيرة التي جرى تليين صيغتها بضغوط أميركية وجهات أخرى (هارتس)، فهم إن السلطة الفلسطينية على وشك التفكك مما لا يخدم مصلحة إسرائيل طبعا، لذلك فليس أمامه خيار سوى التحرك سريعا، وقبل ان يرسل رده على رسالة عباس ضم إليه موفاز الذي صرح قبل أسابيع انه مع منح الفلسطينيين مطالبهم الجغرافية كاملة في أي اتفاق، فهذه الخطوة سيفيده كثيرا وتعطيه مجالا أوسع للمناورة وكسب الوقت.
من جهة أخرى فان الاحتفاظ بثلاثية نتنياهو – موفاز – باراك، فيما وصف أنها "حكومة حرب" سيكون بمثابة إجراء مناسب إذا ما اضطر رئيس وزراء إسرائيل للتعامل مع الملف النووي الإيراني في الأشهر القليلة المقبلة.( معاريف)
لكن، حتى وان كان لا يرتجى شيء من نتنياهو تجاه التوصل لاتفاق مع الفلسطينيين نحو حل الدولتين، أو اقلها تغيير سياساته الاستيطانية، ورغم أن اتفاقه مع موفاز نص على "أن تدفع حكومة الوحدة باتجاه عملية سلام مسؤولة"، فان قطيعة نتنياهو التامة لا شك أنها ستترك انعكاسات سلبية على الأردن خصوصا في واشنطن، إذا ما أقدم نتنياهو على تحميل قلوب الاميركان بالمشاعر السلبية تجاه الأردن وقيادته، تماما مثلما فعل في الماضي مع موضوع النووي الأردني والمساعدات الاقتصادية للمملكة.
إن شعبية نتنياهو قوية جدا في الأوساط اليهودية ومنظمة "الايباك" بالولايات المتحدة، فقد حل الرجل ثانيا بعد مؤسس الفيس بوك مارك زوكيربيرغ في قائمة أهم 100 شخصية يهودية في العالم، فكلمته مسموعة وشكواه مؤثرة في الأحوال العادية، فكيف اذا عزف الفنان نتنياهو على لحن العواطفـ،، وهو المثكول اليوم بوفاة والده بنصيون الذي تتلمذ على يد جابوتينسكي، ووصفه اوباما ببرقية تعزيته انه " كرس حياته لخدمة الشعب اليهودي، وكان جسرا بين إسرائيل والولايات المتحدة" ؟؟.
http://aymanhunaiti.wordpress.com/
* خبير وباحث في الشؤون الإسرائيلية