أحدهم وهو من خيرة الأصدقاء رحل إلى بلاد الاغتراب باحثا عن الكثير والكثير وفي زمن قياسي حقق الكثير والكثير وجاءني مختالا فخورا متباهيا بشخصية جديدة، وأكثر ما أعجبه في نفسه الجديدة تسريحة شعره لأن كوافيرا صممها خصيصا له بعد إجراء عدد من عمليات زرع بصيلات الشعر في رأس أصلع أقرع! وبدا لي أن ذاك الكوافير العالمي كما وصفه صديقي أبدع حقا عندما أقنع ذاك المختال بتسريحته البشعة تلك!!صديقي ربح الكثير، واراه قد خسر الأكثر، وعلى رأس قائمة الخسارة، خسارته لوزنه فأستطيع القول جازمة إنه خسر ما لا يقل عن 30 كيلوغراما من وزنه وتبعا لذلك فقد نضارة في وجهه الذي كان مستديرا وأمسى بحجم الكف.
بالنسبة لي أرى أن فقدان الوزن خسارة فادحة فأنا أحط بثقلي كاملا على الميزان كل صباح وأراقب تأرجح المؤشر يمينا وشمالا حتى يستقر متوقفا عند 50 كيلوغراما بدون أي زيادة تذكر، وعلى النقيض من ذلك يقف ثلثي المجتمع الأردني الذي يعاني من السمنة ويرى بأن فقدان كيلوغرام واحد إنجازا عظيما وبالأخص في هذه الفترة التي تضاعفت فيها أعداد الطامحين بمقعد في مجلس النواب وتبعا لذلك تكاثرت (مناسف الانتخابات) وأصبح من الصعب مقاومة الكم الهائل من المشهيات، فالناخب وهو المواطن الأردني الذي يملك صوته الثمين يتلقى دعوة يومية من عدد لا يقل عن عشرين مرشحا تنافسوا في دائرة انتخابية واحدة فكيف به أن لا يلبي على الأقل دعوة واحدة؟! كيف به أن لا يلبي دعوة يوجهها له مدير حملة انتخابية أو منسقها يقول له فيها (عشاكم عنا اليوم في المقر ولا تنسى اللحم بلدي وتواصي... والجميد كركي مش مخلوط بالنشا... واللوز تنقاية والصنوبر أصلي مش باكستاني ...والسمن بلقاوي وخبز الشراك يا عيني من أروع ما يكون...وتحلايتكم أحلى سدورة كنافة يا سلام من الغالي....والغالي برخص كرمال صوتك!)
فهل صوت المواطن الأردني الغالي يثمن بجودة المناسف ولذة الكنافة على مدار شهر من الزمان؟ وهل المطلوب من نواب المستقبل التعبير عن رؤيتهم وتوجهاتهم في خدمة الوطن والمواطن بالإكثار من عقد الولائم وإجزال العطايا في المحافل والجاهات؟
وعلى صعيد آخر، هل يحتاج الأردني الى بيانات انتخابية مطولة يزهو كل منها بعدد من اللاممكن؟
هل لازلنا نحتاج وقتا أكبر للاقتناع بأن العمل الجاد هو أساس الإنجاز؟ وبأن الإخلاص المتفاني للوطن والمواطن يكمن في حراك سياسي اجتماعي إنساني ثقافي يعود على أبناء الدائرة الانتخابية والمحافظة والمدينة والوطن بأكمله بالرقي والإصلاح والتقدم؟
المطلوب منا جميعا هو وقفة تأمل خاطفة لعهد جديد فلا وقت لدينا والعرس الديمقراطي الذي وقف على تهيئته لنا مليكنا المفدى وواعدتنا حكومته بإتمام إجراءاته في أنزه صورة أصبح على الأبواب في عد تنازلي فلنستعد ولنكن أصحاب مسؤولية ناخبين ومرشحين، ولتبقى أصواتنا ثمينة كما كانت وستكون...
ملاحظة عابرة:
أحلم بترشيح نفسي للانتخابات بعد عشرين عاما من الآن وحينها لن أدعو الناخبين في دائرتي على مناسف انتخابية وأتمنى على الحكومة في ذلك الوقت أن تحدد موعد الانتخابات في موسم الكستنا ليتسنى لي أن أقوم بتوزيع شوالات كستنا على الجميع فلا أروع من تناولها على أصولها في شتاء بارد حول المدفأة...
Dana_najdawi@yahoo.com