أَيّوب الفلسطيني «في ذكرى نكبته الرابعة والستّين» حيدر محمود
15-05-2012 05:35 PM
عمون - هل تَعْرِفونَ الفَتى « أيّوبَ»؟! كانَ لهُ
فينا –إذا مرَّ- عُرْسُ للحَساسينِ
وكانَ أَجْمَلَ مَنْ فينا.. وما حَمَلَتْ
أُمّي، بِأعْبَقَ مِنْهُ، في الرَّياحينِ
عَيْناهُ عَيْنا نَبِيّ، والجَبينُ مَدىً
رَحْبٌ.. وساعِدُهُ صَخرُْ البراكينِ
إذا لَفَى قالت الدُّنيا: الأَبيُّ لَفَى
وطأْطَأَتْ هامَها كُلُّ الميادينِ
وللأُباةِ حُضورُ الأَنْبِياءِ، وَمِنْ
أَصلابِهِمْ.. جاءَ « أَيّوبُ الفلسطيني»!
وكانَ نَجْمَة صُبْحِ الذّاهبينَ إلى
نُفوسِهِمْ.. لِيُريحوها مِنَ الطّينِ!
وَيَمْسَحوا الهُونَ عَنْها، بَعْدَما رَسَفَتْ
بِهِ زماناً.. وما أَقْساهُ مِنْ هونِ!
لكنّ « أَيّوبَ» مَطْلوبٌ لإخْوَتِهِ
فقدْ أغاروا عليهِ كالشياطينِ!
وَقَطَّعوا كَبِداً ما كانَ يسكنُها
إلاّ هَواهُمْ.. فَسُحْقاً للمجانينِ!
وَضَيّعوهُ.. وَلوْ يَدْرونَ أيَّ فَتىً
قَد ضَيَّعوا.. لافْتَدَوْهُ بالملايينِ
كُلُّ المَنافي عليه، فَهْيَ تُسْلِمُهُ
منها، إليها، سجيناً، غَيْرَ مَسْجونِ
إنْ أفْلَتَ الصَّدْرُ من سَهْمَِ العِدا، فَلَهُ
في الظَّهْرِ مِنْ أهلهِ، مليونُ سِكّينِ!
لَقَدْ أرادوهُ حَيّاً لا حياةَ بِهِ
وَقَدْ أرادوهُ مَيْتاً غَيْرَ مَدْفونِ
حتّى تَظَلَّ الدّكاكينُ التي انْفَتَحَتْ
على عذاباتِهِ.. ذاتَ الدّكاكينِ
كأنَّهُ لم يَكُنْ يوما أَخا أَحَدٍ
منهم .. ولاجاءَ من ذاتِ الشرايينِ
أُحاوِلُ الفَهْمَ، هذا «الزّارُ» أتَْعبَني
وحيَّرَتْني اضطراباتُ الموازينِ؟!
هل صاحبي صاحبي؟! مَنْ ذا يُجاوِبُني
وهل عَدُوّي عَدُوّي ؟! مَنْ سَيُفْتيني؟!
وكيف أَعْرِفُ سكّيناً سَتَذْبَحُني؟!
وكيف أعرف سكيّنا سَتَحميني ؟!
أحاوِلُ الفَهْمَ.. لكنْ لا يُطاوِعُني
عَقْلي.. فأَبكي عليهِ ثُمَّ أَبكيني!
يا صَبْرَ « أَيّوبَ»، صَبِّرْني على زَمَنٍ
تجاوزَتْ حَدَّها فيهِ قَرابيني
إنْ أجْدَبَتْ في مكانٍ، قيلَ لَعْنَتُهُ
حَلَّتْ .. وإنْ أخْصَبَتْ راحوا وَخَلّوني!
إنّي لأُعْلِنُ: أنَّ الأرضَ عاقِلةٌ
وليسَ يُنْقِذُها غَيْرُ المجانينِ!!!
"الدستور"