العرب وصناديق اقتراع الغرب .. !
أ.د عمر الحضرمي
14-05-2012 05:13 AM
سؤال كبير يدور مع دورة تاريخ «الدولة» العربية، ويتجدد، بين الحين والآخر، ولكن على صيغ مختلفة، وهو لماذا «نحن العرب» نُصرُّ دائماً على التنازل عن سيادتنا، ونُصرُّ على التعامل مع الأحداث الإقليمية والدوليّة وحتى الداخلية بمنطق «التابع» الذي يحرص على أن يكون مسلوب الإرادة، يُفوّض اتخاذ قراره إلى الآخرين. بل أصبحنا ننتظر ما يريده «الخارج» لنبدأ بتنفيذ هذه الأوامر، ولذلك فإننا قد تركنا «عقولنا» و»عُقُلُنا» بيد الناس، وكأننا استمرأنا أن نظل مستَعْمرين، خيراتنا لهم، وقراراتنا من صنعهم، حتى مستقبلنا وحالنا واقتصادنا وفكرنا لم نعد نحن المتحكمين بها.
ودليل ذلك أننا بتنا ننتظر التطورات الدولية والإقليمية، وبناءً على تحوّلاتها نبدأ برسم سياساتنا ونتخذ مواقفنا، حتى لو كان ذلك الأمر يقودنا إلى التناحر فيما بيننا. إنْ بدأ الاقتراع في أمريكا رحنا نقلّب المحطات ونحرث الفضائيّات بحثاً عن جزء من معلومة أو طرف من خبر عن هذا المرشح أو ذاك إن نجح أو فشل. وإذا ما تغيّر «بوش» ليأتي «أوباما» ملأنا الساحات بحلقات «الدبكة» وحشونا السماء بالزغاريد، لنكتشف بعد ساعات أن «أوباما» هو رئيس لأمريكا، ولا يهمه منا إلاّ ما يخدم مصلحة بلده. وإنْ فشل «شارون» أو «شامير» أو «نتنياهو» فإننا نُوزع الحلوى في الشوارع على أساس أن أعداءنا قد تحوّلوا عن الطريق، متناسين أن كل زعيم إسرائيلي يبدأ يومه بالبحث عن وسائل قتل العرب بدءاً بالفلسطينيين. وإنْ استلم «أردوغان» الحكم في تركيا أرسلنا رماحنا إلى خزائنها، ودسسنا سيوفنا في أغمادها، ووضعنا رماحنا في جُعَبِها، وتوسّدنا أول حجر تحت ظل أول شجرة ورحنا في سبات عميق، اعتماداً على أن هناك شخصاً ما سيخلّص لنا حقنا ويحمينا. وإن طُرد «ساركوزي» من «الأليزية» وجاء «هولاند» لوحنا بالمناديل، وضربنا بكعوب أقدامنا الأرض فرحاً، وذلك لأن الأوّل قد وقف ضدنا، متجاهلين أنهم جميعاً يعملون لخدمة فرنسا.
كل زعيم من هؤلاء وغيرهم هو زعيم لبلده، ولا يهمه شيء في الدنيا إلا هذا البلد، وأنّ في آخر أولوياته مصالح الآخرين. هذا حتى وإنْ كانت في أحدى جوانبها، غير إنساني، إلا أنه هذا هو الواقع الذي نراه هذه الأيام.
لذلك فإننا يجب أن نعود إلى قوائم قدراتنا، وقواعد إمكاناتنا، لنبنيها على أساس أنّ كل أمة تعتمد على أخرى لحمايتها ما هي إلا عبد لها أو تابع أو خادم. وأنّ الدولة التي لا تصنع قراراتها بذاتها فإنها دولة آيلة للسقوط، بل هي سلعة تباع في أسواق النخّاسة.
والأمر المضحك المبكي أننا أمة تملك تاريخاً وجغرافية ومالاً وزيتاً وغازاً وبشراً، إلا أننا، مع الأسف، أصبحنا تحت تهديد أنْ يُحجز علينا. فلم يعد التاريخ تاريخنا، وبتنا ننتظر أن يسقط «ساركوزي» في الانتخابات الفرنسية، دون أن نعتبر أن المئات من الدول قد غيّرت رؤساءها ولكنها لم تغير هوية رئاساتها، ولا سياساتها، ولا استراتيجياتها. فقط، نحن العرب، الذين نرقب بعيون، لم تقدر على النوم، نتائج الانتخابات في دول العالم، معتمدين على الناس أن يثأروا لنا، أو أن يكونوا أوصياء علينا. حتى فلسطين التي احتلها الأعداء منا، والكثير من أجزاء الجسم العربي التي قطّعتها سكاكين الطامعين، لم نقدر على أن نحرر شبراً واحداً منها، وأوكلنا المهمة إلى «الأجاويد» من الغرب والشرق.