معركة الحكومة مع ثقة النواب
جهاد المنسي
13-05-2012 03:26 PM
يقدم رئيس الوزراء فايز الطراونة الأحد المقبل بيان حكومته، الذي سيطلب على أساسه ثقة أعضاء مجلس النواب. الطراونة نجح، خلال الأيام الماضية، في تعبيد الطريق امام حكومته، للحصول على ثقة مريحة، علما أن المجالس النيابية، سواء هذا المجلس أو المجالس السابقة، لم تعتد حجب الثقة عن أية حكومة، ولم يسبق لأي مجلس أن فعل ذلك.
بطبيعة الحال، فإن ذلك أمر طبيعي، إذ أن تركيبة مجالس النواب المختلفة يغلب عليها الطابع الخدمي، وليس السياسي، الأمر الذي يؤثر على أداء المجلس، ويجعله أسير الحكومات المتعاقبة، وهو ما يؤدي الى تراجع الأداء السياسي والتشريعي للنواب، لصالح الأداء الخدمي.
سواد النواب يعرف أن الخدمات لا تأتي إلا عبر السلطة التنفيذية، ويتخوفون من أن يؤثر حجب الثقة على وصول تلك الخدمات لمناطقهم، الأمر الذي يؤثر على شعبيتهم وحضورهم.
والحق، فإن الحكومات المتعاقبة ساهمت في تكريس هذا المبدأ، من خلال منح تسهيلات لكل من يقول لها نعم، وحجب التسهيلات عن كل من يقول لا.
الحكومة الحالية، ستحصل على ثقة مريحة، كما حصلت عليها سابقتها، بيد أن المربك في المشهد كله، هو أن نفس الأشخاص، الذين منحوا الثقة لحكومة عون الخصاونة، سيعاودون منح الثقة لحكومة فايز الطراونة، ونفس الأشخاص الذين انتقدوا الخصاونة "مر النقد"، عندما غادر الدوار الرابع، سيعودون وينتقدون الطراونة عندما يغادر.
وهؤلاء يفعلون ذلك دون أن يقولوا لنا: لماذا لم يبادروا الى حجب الثقة عن الحكومة بأسرها، إن كانوا يحملون كل تلك الملاحظات عليها؟ ولماذا ظهرت كل تلك الملاحظات بعد استقالة الحكومة، فيما لم تظهر قبلها؟، مع التذكير بأن احد الوزراء في حكومة الخصاونة حصل على ثقة مريحة قبل استقالة الفريق الحكومي بأيام!!، أليس هذا غريبا؟ أليس هذا عملا برلمانيا مرتبكا وملتبسا في آن؟!!.
المشكل، أن ما حصل مع حكومة الخصاونة سيحصل مثله "نسخة طبق الأصل" مع حكومة الطراونة، لو قيض لها أن ترحل والمجلس موجود، إذ سيكال لها، ولرئيسها ولفريقها اتهامات وانتقادات لا تنتهي؟!!.
ما سبق يؤطر لأمر واضح، هو أن عددا كبيرا من النواب يمنح الثقة جزافا، دون النظر إلى برامج رئيس الحكومة وشخصه، وفريقه الوزاري.
فخلال عام، وبضعة أشهر ناقش مجلس النواب السادس عشر بيان الثقة في ثلاث حكومات، وهو الآن مقبل على الحكومة الرابعة، ومن المؤكد انه سيمنحها الثقة كما فعل مع سابقتها.
فـ "النواب" منح الرئيس سمير الرفاعي ثقة خيالية، ثم عاد ومنح الثقة للرئيس معروف البخيت، رغم أن نهج وطريقة تفكير كليهما مختلف عن الآخر، حيث الرفاعي محسوب على التيار الليبرالي، فيما البخيت محسوب على التيار المحافظ. كذلك، عاد النواب ومنحوا ثقتهم للرئيس الخصاونة، المحسوب على التيار الإصلاحي، وهم في طريقهم الآن لمنح الثقة للرئيس الطراونة، المحسوب على تيار المحافظين.
ما سبق ليس تحريضا على حجب الثقة عن الحكومة الحالية، بقدر ما هو محاولة لوقفة، بأمل معرفة الطريقة التي يقوم فيها السادة النواب بمنح ثقتهم لهذه الحكومة أو تلك.
الثقة استحقاق دستوري مهم بيد مجلس النواب، ويمكن البناء عليه وتطويره، وبالتالي إبعاد المجلس والنواب عن الانزلاق إلى مربع مقايضة الثقة، بفتح وتعبيد شارع، أو إقامة سياج لمقبرة، أو إنارة طريق زراعي، فكلها واجبات على الحكومة القيام بها، ولا ضير أن يذكر بها النائب مرة وثانية وثالثة، ولكن، أن ترهن الثقة بالحكومة بالاستجابة لتلك المطالب فإن ذلك يساهم في تدهور صورة المجلس أمام الرأي العام وعند عامة الشعب.
الأسبوع المقبل، من المؤكد أننا سنسمع كلمات، ستشعر المراقب والمشاهد والمتابع لها أن الحكومة في وضع صعب، وانها ستواجه صعوبات لا حصر لها للحصول على الثقة، لكن سرعان ما سيتبخر كل ذلك عند التصويت، وسيجعلنا، كالعادة، نعيد تكرار المثل، مرة تلو المرة، "نسمع جعجعة ولا نرى طحنا".
اليوم، الناس تعرف أكثر، وبالتالي فإن السادة النواب عليهم أن يختاروا كلمات البداية، لتتناسب مع سيناريو النهاية، التي سيصلون اليها، وان لا يتوسعوا في النقد، إن كانوا يعتزمون منح الثقة.
Jihad.mansi@alghad.jo
الغد