يتحدث رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة بتلقائيته الوطنية الدستورية التي اقسمت على كتاب الله ان يعمل كل ما في وسعه لخدمة وطنه على ان لا يرحل المشاكل والاستحقاقات الى مرحلة اخرى او الى حكومة اخرى لان الاصل في المسؤول مواجهة الواقع لا ان يستمطر الشعبوية الانية ويترك الوطن يغرق في مزيد من الديون والالتزامات المالية والاجتماعية والاقتصادية ليصفق له الجمهور بل هو يريد ان يمارس الولاية العامة كما هي وكما تمليها متطلبات المرحلة وهو يؤمن ان الاردن يواجه التحديات لا ان يعيش في بحبوحة بينما الديون متراكمة وهي التي سيدفعها المواطن اليوم او ابنه غدا او حفيده بعد غد.
الرئيس الطراونة يلتقي الناس ولديه خططا للقاء النقابات المهنية والاحزاب والنخب السياسية ويتمنى على اصحاب القدرة ان يتحملوا مسؤولياتهم في هذه المرحلة الدقيقة لا ان يتخلوا عن هذه المسؤولية لمجرد ان ارباحهم قد تقل او قد تخف او ان مواقعهم المالية قد تتأثر لبضع مئات الاف الدنانير بينما الوطن يئن تحت وطأة ديون جاءت نتيجة قرارات ارتجالية هدفت فيما هدفت اليه الى ترحيل الازمات فخلقت التشوهات ورفعت المعاناة وقللت سبل النجاة من طوق المعاناة الحقيقية ولكن الامر جد خطير مع ايمانه المطلق ان الاردن الذي واجه عواصف كثيرة سيمر بسلام هذه المرة كما في المرات السابقة بتعاضد ابنائه وتراص صفوف المؤمنين بوطنهم «المرزوق بطيبة اهله وناسه».
لا يريد الرئيس ان يصفق له الشارع ولا ان يصطف معه الاعلام لتسويق خريطة طريقه نحو الاصلاح فهذا ليس من ديدنه ولا من نهجه ولا هو راغب فيه بل يريد ان يمارس الصحفي صفتيه اللتين يتحلى بهما الاولى مهنيته وحياديته والثانية مواطنته التي تملي عليه ان يقف حيث يجب ان يكون بعيدا عن المناكفات الرخيصة في مرحلة يحتاج فيها الوطن الى كل كلمة طيبة للمرور باقل الاضرار من الظرف الحالي الذي لا يخفى على احد.
يسترسل الرئيس الطراونة في شرح الصعاب التي يواجهها الاردن اقتصاديا واجتماعيا وحتى اخلاقيا امام المانحين الكبار مثل الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية واليابان ليكون الاردن مع نفسه ويكابد المرحلة بشيء من التقشف حتى يقنع العرب وغير العرب ان يمنحوه مساعدات هو يستحقها لوسطيته واعتداله وحرصه على الامن والاستقرار في منطقة ملتهبة ولكن كيف يستطيع من يقود الحكومة او الجهاز التنفيذي ان يقنع المانحين وهم يرون «البعزقة» الفائضة عن الحاجة في الشوارع والمولات والجامعات والمدارس والطرقات حيث تتوافر احدث السيارات بموديلاتها المختلفة وسنوات صنعها الحديثة مع توافر احدث ماركات الملابس والعطور ورحلات الاستجمام الهائلة التي يقوم بها اغنياؤنا بينما لا يقدمون على منح وطنهم شيئا مما قدمه لهم فهل هذا يستقيم في ظل عجز موازنة وغياب مساعدات عربية واجنبية وزيادات كبيرة في رواتب المعلمين واصحاب المهن ورواتب جيوش جرارة من العاملين والمتقاعدين في القطاع العام؟.
الرئيس وحتى يكون مقنعا للشارع وللانسان العادي قرر ان يبدأ بفريقه الوزاري حيث خفض السفرات والتمثيل الدبلوماسي والسياسي وحضور المؤتمرات والاجتماعات وفي موضوع الضيافة والسيارات الحكومية والتقليل من صرف الطاقة وترشيدها في المكاتب الحكومية على ان يتكفل القطاع الخاص بالدور الذي يجب ان ينهض به راضيا غير متذمر لان عدم الاستجابة للمتطلبات والاستحقاقات يعني الذهاب الى المجهول وحينها لا يكون هناك مجال للرجاء او التندر باعتبار ان الجميع في مركب واحد لا يجوز ان يخرقه طرف ليشرب ماء لان ذلك سوف يؤدي الى غرق السفينة بمن عليها.
ليس هناك مجال لاعطاء المواعظ ولا لمزاودة طرف على اخر بل الجميع مدعوون الى الاستجابة ولو بشيء بسيط مما يستطيع حتى نقنع الاخرين اننا قادرون على التجاوب مع الظرف الطارىء وان كان على حساب حليب اطفالنا او خبز عيالنا او كمالياتنا.
hamdan_alhaj@yahoo.com
الرأي