شغب الملاعب أم شغب العقول
محمد ابو خليفة
23-10-2007 03:00 AM
أنا لست رياضياً! ولا أجد نفسي مندفعا لحضور أية مباراة بكرة القدم أو متحمسا لمشاهدتها ولو على التلفاز!.... وربما كان ذلك بتوفيق من الله وهدايته فأحمد الله على هذه النعمة !ففي الوقت الذي أؤمن تماما بأن الرياضة بتشعباتها المختلفة هي ركن أساسي من مقومات الحياة الاجتماعية والحضارية وداعم أساسي في بناء المجتمع وترسيخ قوته وهي تغذي العقل كما تغذي العضلات وتُبقي على لياقة العقل تبعا للياقة الجسم! ولا يختلف اثنان بأن "العقل السليم في الجسم السليم"... إلا أنني أرى في رياضة " كرة القدم " تحديداً تنحرف فيها العاطفة باتجاه وحل العنصرية عند شريحة لا بأس بها من لاعبي أو عاشقي أو مشجعي هذه الرياضة في لحظة أو لحظات كبوة العقل ليجد إبليس ضالته!
هذه العنصرية البغيضة التي تحول دون استمرار فرحة النصر وبهجته وتحوله إلى مآسٍ بفضل لحظة غياب العقل وضبابية البصيرة لدى طرف من الأطراف وانعدام وجود طرف يستوعب حماقة أو اندفاعٍ من الطرف الآخر فيدب الصراع وتنشب الخلافات بين أخوة وأشقاء وأقارب يعيشون تحت مظلة الوطن الواحد الوارف الظلال ليجعلوا منه وطناً ضيقا متفسخ الجنبات سيء القسمات بفضل "غربان العنصرية" عند طرفي المعادلة الكروية أو لدى البعض من جمهور المشجعين! ولا أجد حرجاً أن انعتهم بهذا الاسم ! ففي الوقت الذي يتحدث فيه البريطانيون عن جنون البقر نرانا نتحدث عن جنون البشر بعد كل مباراة كروية خصوصا بين فريقي الفيصلي والوحدات !
وكما إنني لا أرى أي مبررا على الإطلاق بأن نعزي أنفسنا بالنظر لما يدور من أجواء الخلاف والتوتر على ارض الملاعب عند دول الغرب و التي ينظر إليها بأنها دول التقدم والحضارة فإنني لا أجد أيضا وجهاًأللشبه او المقارنة بين ما يجري هنا وما يجري هناك لأن الوازع الديني لدينا يمنع لا بل قد يحرم علينا مثل هذا التصرف الشائن والغوغائية المزعجة التي توقعنا في نزاعات إقليمية ضيقة في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى التقارب والتآخي والتراحم وأن يشد بعضنا أزر بعض في زمن الضعف والهوان الذي نعيشه و نعاني من ويلاته وتداعياته و التي جعلت من امتنا العظيمة أمة مقهورة ومهزومة ومتشرذمة!
هذه الأمة التي جمع الإسلام بينها بتعاليمه ومبادئه السمحة وألف بين قلوبها نراها تتمزق فيما بينها ليس بفعل خارجي بل بكل أسى وأسف من بيتنا الداخلي يأتي الخراب والدمار فيا للعار!!!
أما آن الأوان لهذه الأمة أن تنهض من سباتها ؟
أما آن الأوان لهذه العقول الساذجة التي لا ترى إلا مسافة بُعد الكرة التي بين رجليها, أما آن لها أن ترفع نظرها قليلاً وترى ما يحيط بنا من فتن ونكبات؟ يعني بالعاميَة البسيطة "هو إحنا ناقصنا" يكفينا يا إخوتنا و أهلنا ويا أقاربنا هذا الهوان على بعضنا البعض !
ألا يكفينا كراهية العالم لنا وتآمره علينا؟
الا يكفينا الدسائس التي تحاك لنا من هنا وهناك؟
ألا يكفينا أزماتنا الاقتصادية والفقر الذي يلوي أذرعنا ويطوق أعناقنا لكي نترك كل ما هو مهم وندق برقاب بغضنا البعض؟ أليس من الأجدى والأجدر أن نجند طاقاتنا و نوظف عقولنا للخلاص من هذه الأزمات و ألاستعداد لمواجهة هذه التحديات !
قليلا من العقل ايها الأحبة ومزيدا من الإيمان بالله و ولحظات من التأمل بقضايانا المحلية والعربية لنبذ الفرقة والترفع عن السخافات التي تقودنا إلى الضعف والتقزم المستغل من قبل الآخرين!
أين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟
أليست هذه الأفعال التي تمارس على ارض الملاعب بالأفعال المنكرة؟
ألا تقرئون قول المصطفى (ص): "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"
أين المحبة, أين الإيمان, أين التآخي, و أين الجسد الواحد الذي يشد بعضه بعضاً؟
يا حسرة على العباد.الذين تتقبل عقولهم هذه الممارسات......و الذين باتوا يعبدون الكرة أكثر من عبادة الله ولا يرون شيء آخر سوى الكرة التي من المفترض أن تكون سبباً في التعارف والتواصل والمحبة فيما بينهم وبين الآخرين لا على النقيض!
أخي اللاعب ...أخي المشجع .......
اقرأ قول رب البشر " الم تعلم بأن الله يرىَ"
فهل اقتنعت بأن الله يراك ؟ فاخجل من الله الذي يراك إذا لم تعد تخجل من نفسك !
فلا تجعل يا أخي من مجرد هدف داخل مرمى مبرر لأن يوقع بين الأخوة خلافات ومهاترات فردية تتحول إلى مشاحنات جماعية؟...........
فأرجو وأتمنى على أبناء هذا الوطن الارتقاء بمستوى المسئولية وان يتركوا فسحة للعقل فنحن مستهدفون ودعوها......... فإنها منتنة !