لقد كانت مشكلتنا دائماً كمواطنين مع أصحاب السلطتين التنفيذية و التشريعية أنهما لا تحسنان دائما فهم التوجيهات الملكية و خصوصاً في مرحلة الربيع العربي، فكلاهما لا تدركان انه لا وقت لدينا لنضيعه بمناكفات بين السلطتين. فعندما تحتج السلطة التنفيذية من بطئ السلطة التشريعية بإقرار القوانين و يجمعهما جلالته موجهاً لهما، تعتقد التنفيذية ان المقصود بتوجيه جلالته هي التشريعية فقط، فتستريح و تنشغل بالتعينات و عكسها. و عندما تُقال الحكومة لذات السبب و هو بطئها كما جاء بكتاب قبول الاستقالة تصدر التصريحات عن التشريعية بأن الحكومة كانت سلحفائية. لا يا سادة؛ كلاكما كنتما سلحفائيتين. كلاكما تعلمان ما هي الأولويات لدى جلالة الملك و لدى الشعب فلماذا التلكؤ بهذه الأشياء الأساسية فقط؛ بينما نرى الأمور الأخرى تُقر بسرعة الصاروخ كالتعينات و التقاعدات و الجوازات.
إن قانون الانتخاب هو صاحب الأولوية الأولى لدى جلالته و لدى الأردنيين كافة، فلا نفهم السبب الذي أخّر السلطة التنفيذية لإرساله الى السلطة التشريعية وهو كما علمنا جاهز منذ ايام حكومة دولة الدكتور معروف البخيت، و هو بالمناسبة لا يختلف كثيرا عن مخرجات لجنة الحوار ببداية الربيع العربي. تنشغل حكوماتنا كأول أعمالها بالتعينات الجديدة و الغاء التعيينات السابقة، و هذا جزء من نسيجنا الاجتماعي طبعاً، و ربما يكون مقبولا بوقت الرخاء، و لكنه ليس مقبولا أبدا بحكومة جاءت للإصلاح كالحكومة السابقة. و أتمنى أن تكتفي الحكومة الحالية بما احدثت من دمج وزارة الشباب بالثقافة، رغم أن أساس الإصلاح يقوم على أكتاف الشباب، و استحداث وزارة لشؤون المرأة كما لو كانت الدنيا قمرا وربيع بباقي المجالات. آمل أن لا تفاجأنا الحكومة الحالية بوجبات تعينات جديدة لوظائف عليا و أخرى لتفنيشات (كما يقال بالخليج) لموظفين عينتهم الحكومة السابقة.
بالأمس كان المؤتمر الصحفي لمعالي رئيس مجلس النواب الذي دافع عن المجلس و كان مقنعاً بعض الشيء ببعض القضايا و لكنه بالقضايا المفصلية لم يكن مقنعاً ابدا، فلا يكفي الدفاع على طريقة لقد احال المجلس ما يزيد عن الستين قضية للقضاء فإذا أخطأ بثلاث قضايا فلا تلوموه. لا يا سيدي عندما تكون هذه القضايا هي التي ينادي بها الشارع فيجب ان نلومه اذا أخطأ بعدم إرسالها للقضاء.
على كل حال كان التوجيه الملكي السامي الأخير واضحاً للجميع بأنه يجب أن تكون الانتخابات بنهاية هذا العام لأن الانتخابات هي المقياس على نية الإصلاح الحكومة و جدّيته و لا مجال للعب بهذه الورقة لإطالة عمر المجلس أو الحكومة؛ فالتوجيه كان واضحاً بأنه يشمل السلطتين، فهل وصلت الرسالة؟ سنرى إن كانت الحكومة فهمت الرسالة بسرعة تقديمها لبيان الثقة، و سنرى أن فهمها مجلس النواب عند مناقشة بيان الحكومة. هل سنرى المائة و العشرين نائباً على منصة الخطابة؟ هل سنسمع من معالي مجلس النواب " اعطوه كمان عشر دقايق" ليكمل النائب خطابه؟ هل يدرك معالي رئيس مجلس النواب أنه ليس لدينا ترف الوقت كما قال بنفسه عند تشكيل الحكومة؟
بصراحة لا نريد بيان ثقة تقليدي ولا كلمات تقليدية، لأننا بصراحة نريد أن ننعم بالهدوء كما كان الأردن دائماً.
كلنا مع هذا التوجه الملكي الرشيد و خلف جلالته في جهوده الإصلاحية لما فيه خير الأردن، ونرجو الله أن تكون رسالة جلالته قد وصلت لمن يهمهم الأمر جميعاً.