من يشتري الصوت .. يبيع الوطن
23-10-2007 03:00 AM
المراقب لما يجري على الساحة الأردنية الآن يستغرب أمرين خطيرين اثنين، أولهما تساؤل حول الكيفية التي تحول بها البعض إلى رقيق يباع ويشترى علناً في سوق النخاسة، وما هي الأسباب التي أدت إلى تحول شعب - من المفترض به أن يكون قد تخرج من مدرسة الأردن ومن مدرسة عبدالله بن الحسين– إلى هذا المآل المخزي والمشين، وثانيهما مخالفة الحكومة الأردنية نفسها للدستور والقوانين والأنظمة فيما يتعلق بتساهلها المثير للريبة والشك في التعامل مع ظاهرة الرق الجديدة هذه.
بالأمس بعث لي صديق أردني يعيش في كندا برسالة الكترونية يتحدث فيها بأسى شديد عما يجري في الأردن، وبأن الأردن والأردنيين باتوا الآن مجالاً للتندر والسخرية، وبأن الجالية الأردنية في كندا باتت تخجل من تعليقات الجاليات العربية المقيمة هناك، وبأن صورة الأردن بدأت بالتراجع في الخارج وربما باتت صورتنا الآن في الخارج مشابهة لصورة الصومال أو افريقيا الوسطى او حتى هاييتي.
كنا نتعلم دائما أن الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها، ونتعلم أن الصوت أمانة وشهادة سنسأل عنها امام الله، فما الذي يدعو شعب متحضر إلى هذا المنزلق الخطير الذي يهدد أمننا الوطني؟ وما موقف الحكومة من هذا التهديد؟ وماذا ستفعل الحكومة لإيقاف حيتان الانتخابات عند حدودهم القانونية والأخلاقية؟ وماذا ستكون حالة مجلس النواب المقبل اذا ما علمنا أن تجارة الاصوات باتت الآن " خطيئة" يمارسها كل من المرشح والناخب بشكل علني؟
والجواب على هذه التساؤلات متروك للمخلصين من أبناء هذا الوطن من القائمين على تطبيق القوانين والأنظمة، لأن الله " يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"، ولو أراد معالي وزير الداخلية – وهو المعروف بإخلاصة للوطن والعرش الهاشمي المفدى – لأصدر فوراً ودون إبطاء أمراً بإيقاف ترشيح أي مرشح ثبت تورطه في هذه " الفضيحة".
وليكن معلوما للجميع أن هؤلاء الذين يقدمون على ممارسة خيانة الوطن من خلال شراء الأصوات، واستغلال حاجة المحتاجين بهذه الطريقة المقرفة والمخزية، فهم إذا نجحوا – لا سمح الله – سيكونون أول من يخون الوطن والعرش لأن من " يهن سيسهل الهوان عليه" وسيكون مجلس النواب القادم – إذا وصله أمثال هؤلاء – مثار سخرية وأضحوكة للقاصي والداني.
كيف ستكون لجنة الشؤون الخارجية مثلا في مجلس النواب المقبل لو كان عدد من أعضائها من " نواب التزوير"؟ وهل سيجرؤ نواب المستقبل على فتح ملفات الفساد مثلا؟ وماذا لو كان عدد من هؤلاء في لجنة الشؤون الاقتصادية؟ وماذا سيكون موقف هؤلاء النواب من أحد مهددات الأمن القومي العربي، والأمن الوطني الأردني؟ ثم سنسأل السؤال الأخير: ماذا لو عرضت دولة معادية على نائب فاسد وصل بالتزوير، التعامل معها لتجنيده عميلاً لها؟
أسئلة أترك الإجابة عليها للحكومة أولاً، ولكل أردني غيور على مصالح هذا الوطن الذي لا وجود لنا ولا كرامة إلا بوجوده وكرامته، لكن الاجابة النهائية حتما ستكون: من يشتري الصوت الانتخابي، فإنه حتما سيبيع الوطن.
khaaaaaled@yahoo.com