المزاج الأردني بين الشاي والقهوة والدخان !
هاشم خريسات
07-05-2012 03:20 AM
ولع الاردنيين بالشاي والقهوة والدخان ليس جديدا لانه متوارث عبر اجيال متوالية, وان كان خلال العقود الاخيرة قد اخذ منحى متزايدا لا يفرق بين كبير وصغير في كثيرمن الاحيان, مع تنوع في انواع واشكال هذه المشروبات التقليدية الى الحد الذي لم يكن متعارفا عليه من قبل, مما جعل مثل هذه العادات اليومية تأخذ طابعا مختلفا بين فئة واخرى ولها طابعها الخاص فيما يتعلق بالطبقات الثرية او الفقيرة حسب امكاناتها المادية ودرجة الرفاهية التي تنعم بها او الفقر المدقع الذي ينخر في العظام, لكنها تصب بالتالي في المزاج العام سواء كان في غاية الراحة والانبساط او يعاني من ازمات تحتاج الى التنفيس عنها باية وسيلة ممكنة! .
اذا ما بدأنا في الشاي الذي تكشف احدث الارقام الاحصائية عن مسح ودخل نفقات الاسرة الاردنية لعام 2010م, ان الاردنيين يستهلكون اكثر من مليونين وستمئة الف كيلو من الشاي المعبأ بالوزن سنويا, فمن المعروف انه مشروب الفقراء اصلا ومنذ زمن بعيد حتى ان مصطلح يتغذون على "خبز وشاي" انما هو تعبير عن مدى ضيق الحال فيمن لا يجدون طعاما في متناولهم سواه, ولا يزال الكثير من الاسر الواقعة تحت خطوط الفقر تعتاش عليه اجمالا, على الرغم من ان الاسر الغنية والمتوسطة الحال لا تستغني عنه كمشروب مع الوجبات الغذائية او فيما بينها لتحسين المزاج الخاص.
اما القهوة التي يصل الاستهلاك السنوي منها الى ستة عشر مليونا وثمانمئة الف كيلوغرام من المطحونة والحب, فهي المشروب العريق الذي يقترن بالكرم والاصالة العربية ولا يزال يميز بيوت الاردنيين ربما اكثر من غيرهم, من خلال شهرة "دلال" القهوة المرة ودقها على "المهباش" والمطاحن الحديثة وتقديمها في معظم المناسبات خاصة منها الفرح والعزاء, وهذا لا يتنافى مع احتسائها بالسكر او بدونه طيلة ساعات النهار والليل, بعد ان دخلت عليها الانواع سريعة التحضير او ما تسمى "النسكافيه" على اختلاف ماركاتها التجارية و"الكابتشينو" والتي يقبل عليها الاردنيون بحوالي خمسة عشر مليون عبوة في السنة.
يظل الدخان على اختلاف انواعه من السيجارة الى الارجيلة والغليون وغيرها هو مصيبة المصائب على دخل الاسرة الاردنية, حيث يقدر الاستهلاك السنوي منه بنحو نصف مليار دينار سنويا, في حين يصل متوسط الانفاق الاسري عليه نحو اربعمئة وثمانية دنانير اي ما يفوق انفاقها على منتجات الالبان والبيض معا, فليس خافيا مدى الانتشار الواسع لآفة التدخين حتى انها شاعت بين طلبة المدارس بنسبة تزيد على خمسة وعشرين بالمئة على الرغم من التحذيرات المكتوبة على عبواتها بانها من الاسباب الرئيسية لمرض السرطان, اما اقبال الفتيات على تدخين "الشيشة" في الاماكن العامة فهو ظاهرة باتت مألوفة ولا تحتاج الى اي براهين او ادلة على مزاج "الكيف" السائد بين الشباب الاردني عموما.
من الغريب في مجال هذه المشروبات ان الكاكاو هو المشروب الذي لا يزال استهلاكه متواضعا جدا قياسا على غيره, اذ لا تزيد كميات استهلاكه السنوي على اربعمئة الف وثمانية وعشرين كيلوغراما سنويا, مع انه الوحيد الذي يعتبر ذا فائدة غذائية قياسا على غيره, اي ان الاردنيين يفضلون ما قد يضر بصحتهم من هذه العادات ربما لقسوة الظروف عليهم من جانب او لمدى ما ينعمون به من يسر حال من ناحية اخرى, مما يستدعي ان يخضع انفاق الاسرة الاردنية على الشاي والقهوة والدخان الى تحليلات عميقة في مدى دلالاتها الاقتصادية والاجتماعية على المجتمع الاردني! .
Hashem.khreisat@gmail.com
العرب اليوم