ستبدأ الحكومة سباقها الماراثوني لنيل الثقة، ولن تتعب كثيرا في الحصول عليها، فهي تنهل من ذات الأسس والقواعد التي جاءت بمجلس النواب الذي سوف يعطيها ثقته، على الرغم من عدم ثقة المواطنين لا بالحكومة ولا بمجلس النواب، وبذلك يكون الناس يجترون السخط على كلا السلطتين، وفي ذلك السخط يتم تمرير ما يتفق عليه الطرفان دون الحاجة الى جمهور النظارة الذي يتابع الاحداث من بعيد.
حتى وإن شارك البعض في التفرج على المشهد عن كثب فالنتيجة محسومة، والقرارات والتوصيات يتم البت فيها سلفا؛ على اعتبار أن المشرعين هم من يقرأ الواقع قراءة صحيحة، ومشاريع القوانين الهابطة من سماء الحكومة لا يأتيها الباطل من بين أيديها ولا خلفها. واللافت للنظر ان محاولة تقريب الصورة بين الأطراف الثلاثة الحكومة والبرلمان والشعب؛ هي محاولة تتسم باليأس المطلق، لطبيعة العلاقة بين الاطراف الثلاثة، على اعتبار ان الشعب المكون الثالث ليس في الحسبان وهو كذلك جزء من معادلة المشهد المُبتلى!
ورغم المحاولات لتقديم صورة عكس ذلك إلا أن الواقع يقول غير هذا، ولذلك فنحن مبتلون بهذه الأقدار التي تسيرنا وفق مشيئتها التي فرضتها علينا المرحلة السابقة للحظة الراهنة، التي تفترض أن الشعب هو مصدر السلطات وأن الشعب يريد أن يحتكم لقيم دولة القانون والمؤسسات، ولكن هذه الأمنيات والأحلام والكلمات ينطبق عليها اسم قصيدة محمود درويش "عابرون في كلام عابر"، بحيث لا تستطيع فهم ما يدور حولك وكأن المشهد يدور في مسرح عبثي يحاول أن يقدم تصوراً غير واضح لمشهد كل تفاصيله معروفة للجميع.
نحن مبتلون ولكننا لا نستتر، نريد مجلسا نيابيا يعي دوره ومهمته وحكومة تشكلها الأغلبية البرلمانية، في حين ما نزال نفكر في أدوات تقليدية، وهذا مثال طازج على هذا العقل المحكوم بتلك المفردات التي لا تحترم قيم الاختلاف في الرأي، فبعد قرار اللجنة القانونية لمجلس النواب فتح حوار مع الأحزاب السياسية حول قانون الانتخابات، تطورت الأمور من الحوار النافع والمفيد إلى تبادل الشتائم والاتهامات والعراك بالأيدي بين أعضاء اللجنة القانونية في مجلس النواب وأمين عام حزب الرفاه، لعراك بالأيدي خلال الاجتماع الذي عقدته لمناقشة قانون الانتخاب، عندما قدم الامين العام للحزب وجهة نظر تفيد بعدم شرعية المجلس.
وجاء الرد من قبل الحزب على الطريقة التي تم التعامل بها مع وجهة نظر الامين العام في شرعية المجلس بطريقة لا تختلف عن ردود فعل بعض أعضاء اللجنة القانونية التي تثير السخط والسخرية والإحباط من مستقبل البلاد، المحكوم بهذه العقلية، فكان الرد على هذه التصرفات ببيان يصدر من العشيرة التي ينتسب اليها الأمين العام تطالب النائب الذي تهجم على أمين عام الحزب بالاعتذار، للعشيرة وللشعب الاردني. ولم يصدر البيان عن الحزب، فهل هنالك أدلة أخرى أكثر من هذه نبحث عنها حتى نستتر من الابتلاءات التي نعيشها.
Jihad.almheisen@alghad.jo
الغد