الاتجار بمقولة "نهاية العالم" يحتاج بحثاً معمقاً بالنظر إلى الأطراف المستفيدة, وأسلوب ترويجها للفكرة, لكن ذلك لا يمنع مزيداً من الإبداع في السينما والأدب اتكاء على هذه الخرافة الجميلة.
علماء آثار أكدوا مراراً وتكراراً أن الاستناد على تقويم حضارة "المايا", الذي يشير إلى نهاية العالم في 21 كانون الأول ,2012 هو قراءة خاطئة للنقوش الأثرية, وأن هذه النبوءة مجرد "مغالطة تسويقية".
التسويق الدائم يعتمد على نصين من أصل 15 ألف نص موثق للمايا يقولان بعودة إله الحرب بولون يوكتي, في التاريخ المذكور, ما ينذر بوقوع كارثة كونية تنهي حقبة استمرت 400 عام لتبدأ حقبة أخرى تستمر الزمن نفسه.
أسطورة الحرب المتوقعة تتفق مع تحليلات سياسية تقارب اللحظة الراهنة في العالم, لكنها كافية لإشعال المخيلة, وترقب النهاية, كما أورد استطلاع أمريكي نشر, أمس, يظهر أن 15% من سكان المعمورة يؤمنون بهذه الحقيقة.
قناعة يجتمع حولها مؤمنون يرون النهاية بيد الله, وملحدون يستشرفونها نتيجة كارثة طبيعية أو حدث سياسي.
اجتماع ينبئ بمسألة وحيدة, وفق الاستطلاع, متمثلة بخوف هؤلاء على مستقبلهم, لذلك هم أميل إلى الاعتقاد بنهاية تُخرج على نحو تراجيدي, غير أن خلفياتهم قد تفسر لنا أسباب خشيتهم من المستقبل.
خوف يصيب أصحاب مستويات التعليم المتدنية أو الدخول المنخفضة ممن تقل أعمارهم عن 35 عاماً, وبدلاً أن تدفعهم خشيتهم إلى تشخيص واقعهم, وتحديه سواء بمضاعفة تحصيلهم العلمي أو تحسين دخلهم فإنهم ينتظرون معركة "هرمجدون".
وكما تقول الأساطير في ثقافات مختلفة حول العالم - تستند على التوراة في الأغلب- إن "هرمجدون" هي المعركة الحاسمة بين الخير والشر, وعلى المعتقدين بنهاية العالم أن يحضّروا لمعركتهم الحقيقية علّهم يناموا قريري العين مطمئنين على مستقبلهم.
معركة يثورون خلالها ضد أولئك المستغلين ثرواتهم وعقولهم ليسترجعوا حقوقهم المستلبة, وينهوا في الوقت نفسه سطوة الظلاميين الذي ينادون بنهاية العالم لتحقيق مصالحهم الخاصة.
مرة أخرى تلتقي مصالح محتكري الأموال مع أصحاب الأفكار الظلامية والرجعية, وهي حتماً ليست صدفة.
mahmoud1st@hotmail.com
العرب اليوم