قانون الإنتخاب بين حكومتين
د. اسامة تليلان
02-05-2012 03:24 PM
د. اسامة تليلان
رئيس الوزراء الجديد أكد على عدم توجه الحكومة نحو سحب قانون الانتخاب المحول الى مجلس النواب من الحكومة السابقة في خطوة ربما تشير الى محاولة كسب عامل الوقت وفتح نقاش معمق حوله وصولاً الى صيغة أكثر توافقا. فالقانون جوبه منذ اللحظة الأولى لصدوره بعاصفة من النقد القوي من قبل مختلف القوى السياسية والتقليدية، والذي تطور بشكل سريع بقيادة جبهة العمل الاسلامي الى بناء جبهة وطنية تهدد بمقاطعة الانتخابات النيابية في حال لم يتم التراجع عن هذا القانون لصالح قانون آخر يحظى بمباركتها.
بالمقابل فإن هذا الموقف الرافض للقانون لا يعبر عن كتلة جامدة تلتقي جميعها بنفس النظرة الى القانون، فهناك العديد من القوى تبحث عن تعديلات على بعض مواده وهذه القوى يمكن الوصول معها الى صيغة توافقية، بينما هناك قوى أخرى تنطوي في اطار جبهة المقاطعة ترفض الروح التي بني على أساسها القانون، وبالتالي تدعوللبحث عن صيغة جديدة بالكامل للقانون تعظم من فرصها في الوصول الى أكبر عدد من المقاعد البرلمانية بما يكرسها كقوة سياسية مهيمنة.
وبالتالي يبدو أن الموقف من القانون محكوم مسبقا بمدى ما سيحققه القانون لهذا الطرف او ذاك من فرص تترجم بالانتخابات الى أغلبية برلمانية بغض النظر عن تأثير القانون على عملية الاصلاح، وهذه الفكرة لا شك انها ستعيق امكانية الوصول الى بناء توافقات عامة حول القانون، خصوصا أن هذه الأطراف ترى ان عامل التوقيت والمرحلة يسيران في صالحها.
بالمقابل، قانون الانتخاب قانون محوري وأساسي في كافة التفاصيل القادمة ان على صعيد عملية الاصلاح ذاتها أو على صعيد التوجهات والثوابت العامة في الدولة، فهذا القانون يراهن عليه ليدشن فعليا عملية الاصلاح السياسي بشكل يسهم في اعادة بناء الحياة السياسية على اساس من التعددية الحزبية والسياسية والاجتماعية المتوازنة والمتنافسة كهدف في طريق اصلاح بنية النظام السياسي وهي مهمة أهم بكثير من مجرد إجراء الانتخابات النيابية.
ثنائية الدولة والجبهة يجب ان تنتهي لصالح حياة سياسية تعددية تقوم على ثلاثة أو أربعة تيارات سياسية متنافسة ومتوازنة تستطيع أن تجذر الممارسة الديمقراطية والتأسيس للحكومات البرلمانية، وقانون الانتخاب الحالي مهم في صناعة هذه الحالة وينبغي ان يتم التمسك ببعض محاوره وتعديل بعضها الآخر بما يؤسس لتحقيق هذا الهدف.
فالقائمة الحزبية النسبية وتحديد سقف أعلى للمقاعد كمرحلة مؤقتة وزيادة عدد المقاعد الحزبية من 15 الى 30 شروط أساسية للإسهام في بناء التعددية الحزبية والسياسية الكفيلة بتقوية السلطة التشريعية، وتقليل فرص إنفراد حزب أو تيار بالحياة السياسية والاجتماعية، اما القائمة النسبية بالصيغة المطلوبة فهي مدخل لتكريس هيمنة تيار واحد من خلال إعادة انتاج التحالف ما بين بعض الأحزاب والقوى الاجتماعية عبر مسمى الشخصيات الوطنية، وحجة ان الشخصيات الوطنية من حقها ان تكون ضمن القائمة النسبية لا يبرره عدم انضمام هذه الشخصيات الى الاحزاب السياسية او الى قوائمها هذا فضلا عن انها ممثلة بالنظام الفردي.
نحن بحاجة الى قانون يعزز من عملية الاصلاح السياسي والبناء الديمقراطي بعيدا عن التوافقات وحالات الاسترضاء والاقصاء او المشاركة والمقاطعة، قانون يسهم في اعادة بناء الحياة السياسية على اسس من التعددية ويسهم في الحد من الاثار السلبية الاجتماعية لقانون الصوت الواحد.
- الرأي -