علي النووي وخليفته جليلي .. ايران تحت المجهر!!
محمد خروب
22-10-2007 03:00 AM
عليّان هما الان تحت الاضواء..احدهما علي الكيماوي (علي حسين المجيد)، الذي يقترب من نهايته، بعد ان حسمت حكومة نوري المالكي امرها، وقررت تنفيذ حكم الاعدام الصادر بحقه، على خلفية محاكمة الانفال، رغم الجدل الدائر حول قانونية هذا التنفيذ، الذي هو في حاجة الى قرار رئاسي بعد رفض محكمة التمييز للاستئناف، في الوقت الذي تمارس فيه ضغوط هائلة محلية واخرى خارجية، للحؤول دون اعدام وزير الدفاع سلطان هاشم، الذي يتفق اعداؤه كما الاصدقاء، انه جندي محترف لم يكن ليقع في الاسر او يمثل أمام أي محكمة، لولا انه سلّم نفسه، بعد وعود قاطعة من الجنرال ديفيد بتريوس (القائد الحالي للقوات الاميركية في العراق، الذي كان قائد احدى الفرق الميدانية، وارسل رسالة تطمين ووعد لهاشم بأن لا اذى سيلحق به، لأن لا تهمة موجهة اليه)..
عليّ آخر هو علي النووي (علي لاريجاني)، يحتل الاضواء وان كانت المقارنة بين الاثنين، لا تقوم الا على الربط فقط بين نوعين من اسلحة الدمار الشامل، احدهما كيماوي اعترف علي حسن المجيد بأنه استخدمه ضد المدنيين في حلبجة وانه غير نادم على جريمته هذه، وانه مستعد لتكرارها لو صدرت الاوامر اليه بذلك.. والاخر نووي يهدد بوش بحرب عالمية ثالثة، لمنعه وليس مجرد شن حرب اذا ما امتلكته ايران.
علي النووي، إنشغل العالم بأسره - وما زال - وخصوصاً عواصم القرار الدولي، في تفسير الابعاد والدلالات والاسباب (وكلها ما تزال غامضة)، التي وقفت خلف قرار كبير المفاوضين النوويين الايرانيين بالاستقالة، وتوقف المحللون والمتابعون والدبلوماسيون عند السرعة التي قبل بها الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد هذه الاستقالة وتعيين سعيد جليلي نائب وزير الخارجية بديلاً منه.
ما أدلى به معلقون وصحفيون ومن يوصفون بالخبراء في الشأن الايراني، تحدثوا عن خلافات بين الرئيس نجاد ولاريجاني حيث يصنف الاخير بالمعتدل او الوجه المفاوض الناعم والبراغماتي، فيما يحسب المفاوض الجديد (سعيد جليلي) على الخط المتشدد الامر الذي ينذر بحدوث مواجهة باتت وشيكة بين واشنطن وايران اذا لم تسفر مباحثات روما يوم غد الثلاثاء بين خافير سولانا منسق الشؤون الامنية والسياسية في الاتحاد الاوروبي والمفاوض الايراني الجديد جليلي (بحضور لاريجاني) عن أي نتائج واضحة في شأن تلبية طهران للمطالب الدولية التي ازدادت تشدداً بعد جلوس نيكولا ساركوزي في قصر الاليزية منذ خمسة اشهر رفضا لايران نووية، كذلك شاركه الرأي خليفة توني بلير، غوردن براون، فيما اعتبر الرئيس الاميركي تخطي طهران عتبة التخصيب وانتاجها لقنبلة نووية هي بمثابة عدد عكسي لحرب عالمية ثالثة، ما اثار انتقادات حادة ولاذعة ضده وخصوصا من دول الاتحاد الاوروبي، حيث بذل الناطقون باسم البيت الابيض ووزارة الخارجية كذلك وزارة الدفاع محاولات مضنية للتخفيف من وقع هذا التصريح الذي ربط بين قيام هذه الحرب والمخاطر التي ستحدق باسرائيل (...) في حال امتلاك طهران مثل هذا السلاح.
هل يمكن اعتبار مثل هذه الضجة (حول استقالة لاريجاني) مفتعلة؟ ليس من المغامرة الاجابة بنعم.
لأن لاريجاني في النهاية مجرد موظف أو هو رقم في تسلسل هرمي يصنع القرار، يمكن له ان يبدي رأياً او يطرح مقاربات ربما تكون مغايرة او مختلفة عما يطرحه آخرون داخل مجلس الامن القومي الايراني، الا انه يدرك وهو الوزير السابق والمدير العام لهيئة الاذاعة والتلفزيون انه ليس صاحب القرار الاخير.
كما ان لاريجاني لم يكن هو اول من يستقيل او يقال فمع قدوم احمدي نجاد الى موقع الرئاسة استقال (او استقيل) حسن روحاني المفاوض النووي السابق، وها هو سعيد جليلي يتقدم طواقم المفاوضين الايرانيين، وربما لا يستمر في موقعه طويلا اذا ما نفذت واشنطن (وتل ابيب) تهديداتهما بتوجيه ضربة جوية ماحقة للمواقع الايرانية النووية (كما للحرس الثوري الذي اعتبرته واشنطن منظمة ارهابية)، كذلك اذا ما رأى اصحاب القرار في طهران وعلى رأسهم المرشد الروحي علي خامنئي ان التشدد (والذي يوصف به جليلي) لا يناسب المرحلة الجديدة التي تدخلها المفاوضات بعد ان راجت شائعات ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينتظر جوابا على مقترحات قيل انه قدمها لآية الله خامنئي خلال زيارته التاريخية الاخيرة لايران، كان نفي وجود هذه المقترحات احد الاسباب التي عجلت باطاحة لاريجاني اضافة الى جملة من الشائعات تتردد عن سبب ابعاد لاريجاني وليس استقالته مثل طموحاته الرئاسية التي قد تشكل تهديداً لمعسكر نجاد.
وقصارى القول ان استقالة لاريجاني او استمراره في منصبه، لم تكن لتؤثر في شكل جدي في طبيعة الخطة التفاوضية التي تعتمدها طهران كذلك سلسلة المناورات ولعبة شراء الوقت التي يتفق الجميع على ان ايران تجيدها تماما كلعبة الشطرنج التي اخترعها الفرس وبرع فيها احفادهم.. ما يعني ان ايران دولة (مركزية) لا دور حاسماً للاشخاص، رغم اهمية بعضهم او رِفعَة الموقع الذي يجلس فيه، والقرار في النهاية محصور في يد عدد محدود من الاشخاص مع هامش مسموح للاختلاف والتباين ووجود معسكرات توصف بالمتشددة او المعتدلة.
kharroub@jpf.com.jo