أحييكم مولاي جلالة الملك بين أهلك وربعك بين عشائر الدعجة الذين تقاطروا من شتى مواقعهم لاستقبالكم بكل فخر واعتزاز ,لأنكم أهل للحفاوة ,ونرحب بكم في مضاربنا فنحن الذين ننحدر من سلالات أبطال الأمة وقادتها العظام ، وحافظنا على تاريخ أردننا العزيز منذ تأسيسه على يد الباني والمؤسس الملك عبدالله الأول , وها نحن اليوم نجدّد العهد في المضي خلف قيادتكم الهاشمية المظفّرة ,لأنكم كرستم قيم الحرية والعدالة والحاكمية الرشيدة , وجسدتم حكم النزاهة المعتمدة على مبادئ الوحدة والكرامة، والتضامن والتعاضد ، والدفاع عن حدود الوطن والذود عن مصالحه ومكتسباته . ولقد كان قدرنا بفضل الله ، أن نكون الأوفياء المخلصين للهاشميين في الحرب والسلام ومسيرة الإصلاح .

تأتي زيارتكم لمضارب عشائر الدعجة تشريفا لنا وتكريما ، وما لقاؤكم بهذه النخبة الا من أجل الوقوف على احتياجات العشيرة والتحقق من أن المسيرة في طريقها الذي أردتموه ، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه الى القرب منكم ، والاستماع إليكم ، وإيصال صوتنا وكلمتنا لمولانا وجها لوجه ،. لتكريس الاندماج الطبيعي والرباط المقدس الذي اختطه الاباء والاجداد والذي يتمثل بالسير على نهجكم القويم الذي لا نرتضي عنه بديلا .وبهذه المناسبة العزيزة علينا جميعا نؤكد لجلالتكم على الثوابت التالية :

أولاً : إن أبناء الدعجة يستشعرون في قرارة أنفسهم أن أخطارا تحدق بنا , وهي لا تخفى على أحد , وباتت تقضّ مضاجعنا ,واذا ما تطورت –لا قدر الله -الى أساليب قمعية أو اتخذت أساليب العنف , فان الوطن لن يحتملها , ولكننا نؤكد ان المطالبات بالاصلاح حق مشروع وكفله الدستور ولكن بطرق سلمية وحضارية , والا يكون مسيسا لجهات خارجية او تنفيذا لأجندات ضيقة ومصالح خاصة ، اننا ومن منطلق المسؤولية الوطنية نعلنها على الملأ أن الهاشميين هم الضمانة الأكيدة لأبنائه وعشائره وأحزابه واطيافه لدوام الأردن واستمراره ، وهم الرهان الرابح لاندماج الأردنيين جميعا وانصهارهم في بوتقة الوطن الواحد ، وأن الأردن ومليكه وشعبه وان اختلفت مشاربهم ومنابتهم جسد واحد وروح واحدة لا انفكاك بينهما ، ولا يستقيم أحدهما الا بالآخر ، وأننا نستنكر الاعتداء على رموز الوطن والتطاول عليهم وهو اعتداء على أخلاق الأردنيين ومسيرتهم التاريخية المحفوظة في صدورهم ،.

ثانياً : اننا نحن أبناء عشيرة الدعجة نؤمن ايمانا راسخا بأن التمسك بكيان الاردن ملكا هاشميا لا رجعة عنه , ولا مساومة عليه ,.وان الواجب الموكول الينا هو الحفاظ على مكتسبات الوطن وعدم التفريط بمقدراته , ,وعلينا أخذ العبرة مما يجري حولنا من أحداث وثورات راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء ,وتقوّض العمران , وانتهكت المحارم ,
ثالثا . اننا نؤكد على أن الاصلاح مرحلة ضرورية من شأنها الارتقاء بالوطن وبالمواطنين وتوفير الحياة الكريمة للجميع لان من المصلحة العامة أن توزّع مكتسبات التنمية بعدالة للجميع , ونذكر في هذا السياق اننا في كثير من مواقع المسؤولية مغيبون , ولأننا نمتلك الخبرات والطاقات العلمية الخلاقة الممزوجة بحسّ الولاء والانتماء لهذا الوطن وقيادته الحكيمة .فاننا نستأذن جلالته أن يشملنا بشغل مواقع الصفوف المتقدمة من مفاصل الدولة ,وسنكسب رهان الحضور المتميز في هذه المواقع ,لأن غايتنا الاسهام في أن يظل الاردن ناصع الوجه ومشرق الطلعة .

ثالثاً : إن ما يعنينا في هذه المرحلة ، نحن معشر الأردنيين بكل أصولنا ومنابعنا ، هو التمسك بكيان بلدنا العزيز ونظامنا النموذج ، وأن نتعلم من دروس الأشقاء والدول من حولنا ، وأن يكون شعارنا الحفاظ على الأردن وأمنه واستقراره قبل أي شعار آخر ، وأن نواصل مشاريع الإصلاح التي بدأت مع دولتنا الأردنية ، وعلى مدى أكثر من تسعين سنة ، ذاع صيتنا وتحدث العالم من حولنا ، عن انجازاتنا وتجاربنا وأثرنا على غيرنا من أشقائنا ، في التعليم والصحة والإدارة والزراعة والأمن والتدريب .

رابعاً : كما أننا معنيون أيضاً ، باجتثاث آفة الفساد التي هبّت على مجتمعنا متأخرة حيث لم تكن معروفة في بلادنا منذ عهود طويلة ، ولكنها دخلت إلينا متأخرة مع نفر من المدعين واللاهثين وراء المال وتغليب مصالحهم الضيقة بدافع الكسب غير المشروع، لكن العدالة ستلاحقهم في كل مكان ، وسوف يلاحقهم حتى يدفعوا ثمن تجاهلهم لطبيعة وأخلاق الأردنيين ، ووطنيتهم المشهودة .

وأخيراً ، لا بد من التأكيد أمام جلالتكم ، بأننا لن نسمح لأية جهة داخلية كانت أم خارجية ، بفرض أجندتها علينا مهما بلغت التضحية ، ولن نسمح لأحد مهما كان مدعوماً من الخارج ، بان يدمر ما أنجزه الأردن بقيادتكم على كل صعيد وسنتصدى بشجاعة الأردنيين ، لكل أولئك الذين اعتادوا على خلط الأوراق والاصطياد بالمياه العكرة ، والتشكيك بولاء الأردنيين المعهود لقيادتهم ووطنهم ، وتقديم أنفسهم كبدلاء عنهم .


إن الحراك الشعبي الذي نشهده اليوم ، والذي يتسم بالتوازن والاعتدال والانسجام ، كان في بدايته طاهرا نقيا بريئا من الدسائس ، وديمومته ستكون بإذن الله متوافقة مع إرادتكم ورؤيتكم الاصلاحية ، ومع ما تبذلونه من أجل هذا الوطن وخير شعبه ، و أن الأردنيين بأصولهم ومنابتهم ، وأحزابهم وطوائفهم ، لم يتغيروا ولن يتغيروا إلا لمصلحة الوطن ، وأن التغيير المنشود هو التغيير الذي يساير عملية الإصلاح ، التي ستستمر باذن الله ،
*أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة الحسين بن طلال