ارتفعت في الآونة الأخيرة وتيرة النقد من جانب مسؤولين وبعض منابر الإعلام في دول الخليج , لما تواجهه الإستثمارات الخليجية في الأردن من مضايقات حتى أن صحيفة كويتية واسعة الإنتشار تساءلت في تقرير نشر مؤخرا ما إذا كان شهر العسل الأردني الخليجي قد إنتهى .
يعرف المسؤولون في دول الخليج العربي أن المضايقات التي تتضمن بعض التصريحات والإجراءات هنا وهناك لا تحظى برعاية رسمية وهي لا تصدر عن مصادر رسمية , بل على العكس فسرعان ما تصدر تصريحات رسمية مناهضة لها أو نافية تؤكد على عمق العلاقات وعلى الإهتمام الخاص بهذه الإستثمارات وأهميتها بالنسبة للأردن .
ليس سرا أن مجموعة من أمراء الخليج وعدد من المستثمرين نقلوا عتبا دافئا للملك وللحكومة بشأن بعض هذه المضايقات والتصريحات , فجاء الرد سريعا بدعوة جلالة الملك لممثلي الإستثمارات العربية والأجنبية في الأردن إستمع فيها جلالته الى جملة من الملاحظات ترجمتها الحكومة لاحقا , بلقاء متابعة عقده رئيس الوزراء مع ذات المستثمرين , لكن بعض الهينات إن صح الوصف لا تزال قائمة.
لا يخشى المستثمر الخليجي من الجدية في مكافحة الفساد , فهي تعزز الشفافية والبيئة الإستثمارية ما يوفر له الحماية ودرجة عالية من الإطمئنان , لكنه يخشى الشائعات والإتهامات غير المسنودة التي تشوه إستثماراته وتغتال نواياه , الأمر الذي يجعله قلقا , لكن ما يزيد قلقه هو تأثير مثل هذه الشائعات التي تنتشر مثل النار في الهشيم في أوساط الرأي العام على القرارات الرسمية .
الأردن هيأ في السنوات العشر الماضية البيئة المناسبة لنمو الفرص الإستثمارية لكن الفرص المماثلة في بلدان أخرى في العالم أفضل من حيث العائد ومن حيث النمو , لكن الإتجاه الى الأردن يقف خلفه , قرار سياسي بدعم إقتصاده ومساندة مواقفه السياسية , فدول الخليج مؤمنة بأن الأردن وقيادته السياسية عمق إستراتيجي وجزء من منظومته السياسية والأمنية والإقتصادية حتى لو لم يكن عضوا فيها , ويعرف صناع القرار في منظومة الخليج , حجم الضغوط التي يواجهها الأردن داخليا والمتمثلة بالأوضاع الإقتصادية الصعبة وخارجيا والمتمثلة في الكثبان الرملية من حوله وفي صراع النفوذ والسباق والأدوار .
الاستثمارات من الخليج العربي في الأردن عموما هي الأكبر وهي الأكثر نجاحا كما أنها الأكثر ثباتا , فلم نشهد أية إنسحابات أو تصفيات , فدوافع البقاء تتفوق على أسباب الرحيل مهما كان حجم المضايقات فالقناعة راسخة في الأردن ونظامه , كما هي راسخة بذات القدرفي بيئته الإستثمارية وفي العوائد التي تتحقق , وفي إستقرار التشريعات والقوانين وفي ضمانات رأس المال وحرية الإقتصاد ؟
التصريحات المتتالية من جانب المسؤولين والمستثمرين من دول الخليج , لا تكل التأكيد على النقاط سالفة الذكر , وإن كانت ستحتاج أكثر من أي وقت الى ترجمة التطلعات الى مبادرات , والى تسريع تحويل هذه المبادرات لوقائع على الأرض , للإجابة وبشكل عملي عن سؤال العمق الإقتصادي , أما المطلوب أردنيا فهو تجاوز التصريحات الى إجراءات تثبت عوامل الطمأنينة .
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي