يثير اعتقال السلطات السورية الكاتب سلامة كيلة الاستهجان والاستنكار, فبينما يذهب معارضون سوريون إلى موسكو للتفاوض حول حل سياسي للأزمة, في بلادهم, يُعتقل كيلة, الذي لم يدخل اللعبة السياسية, ولا يبحث عن دور فيها.
الصديق سلامة كان مدعواً للمشاركة في ورشة تقيمها رابطة الكتّاب الأردنيين, غداً, بمناسبة عيد العمال, وكنّا سنفيد من رؤيته حول طبيعة الاحتجاجات العربية, وارتباطها بالبعد الطبقي.
ولا نعرف إن كانت السلطات السورية تتقصد منْع كاتب أردني, بوزن كيلة, من تقديم ورقة في رابطة, لا يزال عضواً في هيئتها العامة, علماً بأن الرابطة تتخذ موقفاً رافضاً للمؤامرة على الدولة السورية.
موقف اختلف كيلة حوله مع رفاق له في اليسار الأردني والعربي, فهو لا يرى في بنية الدولة السورية إلاّ اشتراكية الشعارات والذكريات, لذلك اندلعت الاحتجاجات في أوساط الفلاحين والعمال والفئات المهمشة.
ويعتقد كذلك أن النظام السوري ليس ممانعاً, وفق قراءته, وعليه فإن التغيير ضرورة حتمية, لكنه يرفض العنف بأشكاله, كافةً, وعلاوة على ذلك, لم يلتحق بالمجلس الوطني السوري ولا بأي جهة معارضة.
مقالاته ومواقفه تدفع للقول بوضوح: أن سلامة كيلة ليس معارضاً سياسياً; بالمعنى التقليدي, إنما صاحب رأي وفكر, ما يثبته عدم إنخراطه في عمل سياسي منظم حتى اللحظة, فما معنى اعتقاله? وما الرسالة التي يراد إيصالها?.
وبلغة أدق فإن مواقف كيلة الصلبة حيال النظام العربي برمته, سابقة على موقفه الأخير, وتعبّر عن مثقف عضوي لا يجد مكاناً له في سوق المساومات والمعارضات الموسمية, وهذا كله لا يعني بالضرورة الاتفاق أو الاختلاف معه.
وينبغي التذكير أن كتابه "الهزيمة والطبقات المهزومة" يدرس بعمق التحولات الاجتماعية والاقتصادية في البلدان, التي حكمتها أنظمة قومية شمولية, إضافة لأعماله الفكرية: "النهضة المجهضة", "التطور المحتجز", و"إشكاليات الحركة القومية العربية".
سلامة كيلة كاتب جذري يصيب ويخطئ, ويخسر كذلك, فالناس الحقيقيون هم من يخسرون.
mahmoud1st@hotmail.com
العرب اليوم