"التوصية تقضي بانه يجب عليكما"
هكذا يخاطب فريديريك هوف, المنسق الخاص للشؤون الإقليمية في مكتب المبعوث الخاص للسلام في الشرق الأوسط التابع لوزارة الخارجية الامريكية, من يسميهما بـ " العزيزان برهان وبسمة ", برفع الكلفة وبدون ألقاب. وذلك في احدى الرسائل التي كشفتها وثائق غليون ليكس, التي كشفها الدخول الى البريد الالكتروني لبرهان غليون, وهي رسالة تحمل تاريخ 11 تشرين الثاني 2011 ، اي تاريخ زيارة العزيزين الى روسيا للتشاور حول مبادرة الجامعة العربية.
وحيث ان مضمون الرسالة هو توصية بمقابلة مسؤول روسي مقرب من الرئيس ميدفيديف, باعتبار ان هذا الرجل معروف انه اكثر قربا من فريق 14 اذار في لبنان واكثر حماسا للمبادرة العربية, فان التوصية لا تشكل بحد ذاتها مفاجأة لا من حيث تلقي العزيزين برهان وبسمة تعليمات من الطرف الامريكي, يبدو انها مكثفة وتفصيلية بحيث يقول السيد هوف في بداية رسالته : " اعذراني على تدفق الرسائل والتوصيات ", ولا من حيث توخي مقابلة مسؤول روسي قد يعد الاكثر قبولا لهما.
المفاجأة تكمن في القراءة التحليلية التي تؤشر اولا الى ان هوف يقدم لـ " صديقيه " تقريرا حول المسؤول الروسي, شخصيته, تاريخه الديبلوماسي, إتقانه للعربية الخ... ولكنه تقرير لا يخرج عن العموميات ويعتمد على عبارات مثل : سألت عنه, قيل لي, ومن ثم يشدد على مقابلته, مما يعني انه يريد, في حقيقة الامر ان يتحرى له العزيزان عن آراء الرجل ومدى استعداده للخروج على الخط الرسمي الروسي. وبما انه يقول عنه انه ليس صاحب قرار, وليس مؤثرا, اذا فالغاية من التواصل معه لا تكون الا لجس النبض حول امكانية مد جسر معه لمستقبل اخر. وبذلك لا يسعى هوف الى مساعدة صديقيه بقدر ما يسعى الى استعمالها تجسسيا, معتمدا على طاعة لا شك فيها.
الاشارة الثانية, تكمن في مستوى التعامل, فالرجل الذي يقدم نفسه كرئيس سورية المقبل, يتلقى تعليمات متدفقة وتفصيلية ( حد الاعتذار عن كثافتها ) من رجل ان هو الا منسق الشؤون الاقليمية في مكتب الشؤون الاقليمية التابع لوزارة الخارجية الامريكية. بما يعنيه هذا من ضعة في التعامل السياسي ومن معنى مرتبط بطبيعة المكتب المذكور.
العرب اليوم