الرهان الأخير .. المصادقة الملكية على قانون التقاعد
وليد حسني
24-04-2012 05:22 PM
اوقف مجلس النواب اعماله وجلساته مباشرة بعد التصويت على منح اعضاء مجلس الامة "الاعيان والنواب " راتبا تقاعديا مدى الحياة، كان في حد ذاته مطلبا استراتيجيا اصيلا وصاحب الاولوية القصوى في عقول النواب الذين رفضوا القانون المؤقت الذي جاءت به حكومة سمير الرفاعي الاولى وبتوجيهات ملكية سامية قبل ان يولد مجلس النواب السادس عشر الحالي باشهر.
حكومة الرفاعي الاولى التي كانت تلقت توجيهات ملكية سامية بتقليص الامتيازات التي يحصل النواب والاعيان عليها تمت ترجمتها سريعا في القانون المؤقت الذي ما إن تم عرضه على مجلس النواب في شهر اذار 2011 حتى كان قرار ممثلي الامة الاردنية برفضه جملة وتفصيلا، لينتقل الى ادراج الاعيان الذين شعروا بالحرج من العودة لفتحه.
وبقي رئيس مجلس الاعيان في حالة الحرج هذه فيما كانت الضغوط النيابية تاخذ مداها على الاعيان للافراج عن القانون قبل ان يعود النواب الى منازلهم بدون امتيازات تكفل لهم القليل من "الرفاه والرخاء" المأمول.
والذي انقذ النواب ورغباتهم بالحصول على التقاعد الأبدي مدى الحياة تلك التعديلات الدستورية التي اقرت العام الماضي وحرَّمت على الاعيان والنواب احتجاز اي قانون مؤقت اكثر من دورتين عاديتين مما أوجب على مجلس الاعيان فتح ادراجه واخراج القانون للنظر والنقاش.
وفي التفاصيل فان هذا القانون كان عنوانا مفتوحا في ضفقة وعود صرفها رئيس مجلس النواب عبد الكريم الدغمي الذي كان في حينه مرشحا لرئاسة المجلس حين وعد ناخبيه المحتملين بمنحهم"رواتب تقاعدية"، الى جانب جوازات السفر.
وذهبت خطة مجلس الاعيان الى البحث عن اللحظة السياسية المناسبة لفتح القانون لتلافي اية ضجة اعلامية او شعبية من شأنها رفع وتيرة النقد الجارح والرفض العالي لرغبات النواب والاعيان بالحصول على امتيازات تقاعدية ابدية يرى المواطنون ان مجرد صرفها لهم يعني اعتداءا مباشرا على حقوقهم المالية ونهبا متعمدا للضرائب التي يدفعونها لخزينة الدولة.
ولم يصبر النواب كثيرا..
فقد فقدوا فضيلة الصبر وهم ينظرون بأم أعينهم الى انهم ذاهبون الى مغادرة خاصرة العبدلي الى منازلهم، ولولا مقايضتهم لقانون الانتخاب بالحصول على التقاعد الابدي لكان مجلس النواب بكامله قد غادر العبدلي منذ اشهر طويلة مضت.
الان وقد انتهى كل شيء، فان استحقاقات هذا الامتياز ستكون عنوانا مفتوحا على كل الاحتمالات، لكونها ستزيد من السخط الشعبي على النواب.
وليس من مآل الان لكل الاردنيين الرافضين لهذا الامتياز الذي اغتصبه النواب والاعيان من الشعب نهارا جهارا غير حكمة جلالة الملك بعدم المصادقة على القانون وتسكينه ليتم ترحيله الى المجلس السابع عشر الذي من المؤمل ان يكون رجالاته افضل من حال الكثيرين من رجالات المجلس الحالي.
وفي الاول والتالي فان الامل المعقود بجلالة الملك يستحق دائما الرهان الشعبي النبيل، وهو رهان ينجح دائما بالانحياز الى الشعب ومطالبه ورغباته.
وهذا الرهان في اوله واخره هو ما يجب التمسك به الان، والمناداة به ورفعه في الشارع وعلى كل ذرة رمل اردنية.
وتبقى نبل المقاصد الملكية هي الحاضرة في حسم كل خلاف بين الشعب وبين البرلمان، وهي الانحياز المطلق لرغبات الشعب، ولولا احتماء النواب بالدستور وبقانون الانتخاب لكان النواب منذ اشهر طويلة مضت ينامون في منازلهم بينما الشعب يشعر بالرضا والارتياح من كل هذا الضجيج والصفير والمكاء بالقرب من خاصرة العبدلي.
والرهان الان على إرادة جلالة الملك بعدم المصادقة على هذا القانون الذي جاء ضد ارادة الشعب والملك معا..