facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




صفحة من تاريخ الاردن 34


21-10-2007 03:00 AM

انتدب الأمراء المماليك الأميرين علم الدين سنجر الجاولي وسيف الدين الملك الجوكندار للتوجه إلى الكرك لاستدعاء الناصر محمد لتولي السلطنة ، فوجدوه يتصيد في غور الكرك مع بعض أتباعه ، فعادوا به إلى الكرك ، ثم ساروا به إلى القاهرة .
ووصل السلطان الناصر محمد بن قلاوون إلى قلعة الجبل في القاهرة في سنة 698هـ 1299م ، فخرجت جموع غفيرة لاستقباله ، وكان لما يتجاوز من العمر 14 سنة ، فكتب إليه الخليفة العباسي مرسوما بتثبيته في الملك ، وجعل المماليك سيف الدين سلار نائبا للسلطنة ، والأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير استدارا للسلطان .
وقد استغل محمود غازان ملك التتار الأحوال غير المستقرة لغزو البلاد ، فاجتاح بلاد الشام ، فخرج السلطان الناصر محمد للقائه ، فانتصرت قوات التتار على قوات الناصر محمد في 699هـ 1299م فانسحب الناصر جنوبا إلى مصر ، فيما توجه غازان إلى دمشق ، فخرج إليه علماؤها على رأسهم ابن تيمية ، فأمنهم وخطب له على منابر دمشق ، ثم اجتاحت قوات غازان شمالي الأردن عجلون والبلقاء ووصلت طلائعهم إلى الكرك ، وتوجهت إلى القدس ، ثم عادوا إلى دمشق ، فترك فيها نائبه قطلوشاه . في حين توجهت قوات المماليك إلى الشام وسيطرت على البلاد بعد مغادرة التتار ، واقطع السلطان الأمير سيف الدين قبجق الشوبك للدفاع عنها في وجه التتار .
وحاول التتار غزو البلاد مرة أخرى فتجهز السلطان الناصر واعد العدة لمعركة حاسمه ، وجاء إليه ابن تيمية يستحثهم لحماية الشام من التتار ، فعادت قوات التتار إلى بلادها . ثم عاد التتار مرة أخرى فالتقت معهم قوات السلطان الناصر محمد في "شقب" قرب مرج الصفر في سنة 702هـ 1303م ، فانتصر الناصر على التتار انتصارا حاسما ، ودخل الناصر محمد دمشق منتصرا ، وفي ذلك يقول جمال الدين أبو بكر قاضي عجلون :
الله اكبر جاء النصر والظفر ===== والحمــد لله هذا كنت انتظـــــر
حتى إذا عب مثل البحر جحفلنا ==== ومد فيضا على أعدائنا وجزروا
إلى أن يقول :
أين المفر وقد حام الحمام بهم ===== هيهات لا ملجأ يرجى ولا وزر
ثم جرد الأميران سيف الدين سلار وركن الدين بيبرس الجاشنكير الناصر محمد من سلطته واستبدا بالسلطنة ، فاستقدمهما السلطان وابلغهما رغبته في زيارة الشام ، فاعتذرا لقلة المال ، فأمر الأمير بكتمر الجوكندار بالقبض عليهما ، إلا أن بكتمر اخبرهما بأمر السلطان فحاصرا السلطان بالقلعة ، ثم تدخل الفقهاء وأصلحا بين الطرفين ، ولكنه عزم على التحرك إلى الكرك ، وجعلها قاعدة لاسترجاع سلطانه كاملا ، فابلغهما برغبته لأداء الحج في سنة 708هـ 1308م مع ولده وحريمه وجميع ذويه ، ولكنهما شكا في الأمر ، وانقسم الأمراء بين مؤيد ومعارض لجعل الكرك عاصمة وحاضرة لدولة المماليك .
سلم الناصر محمد الأمر بالقاهرة إلى بيبرس وسلار ، وخرج السلطان إلى الكرك ، ومعه 500 مملوك مظهرا التوجه إلى الحج ، فسير الركب إلى العقبة ومضى هو والأمراء إلى الكرك ، فوصلها في سنة 708هـ 1309م .فأمر نائب الكرك بالتوجه إلى مصر ، ثم أمر السلطان مملوكه ارغون بن عبد الله الدوادار بالتوجه إلى العقبة في مائتي مملوك لإحضار حريمه وأولاده ومن كان معهم من الأمراء إلى الكرك . فادخل أفراد أسرته قلعة الكرك وطلب من الأمراء العودة إلى مصر .وحملهم رسالة إلى أمراء المماليك في مصر جاء فيها : " اما بعد فقد طلعت إلى قلعة الكرك ، وهي من بعض قلاعي وملكي ، وقد عولت الإقامة بها فان كنتم مماليكي ومماليك أبي فأطيعوا نايبي ولا تخالفوه في أمر من الأمور ... وان كنتم ما تسمعون مني فانا متوكل على الله والسلام " .
وبذلك جعل " الكرك عاصمة لدولة المماليك " ومقرا للسلطان المملوكي بدلا من القاهرة . فبادر الأميران سلار وبيبرس بالاتفاق مع الأمراء للإطاحة بالناصر محمد ، فأعلنوا رفضهم لإقامته في الكرك وجعلها عاصمة ، واجمعوا على عزله ، وزوروا كتابا للأمراء في مصر يفيد بتنازله عن السلطنة بمحض اختياره ، وأرغموا القاضي علاء الدين بن الأثير أن يكتبه بيده ، ثم احضروا القضاة الأربعة وقرءوا الكتاب المزعوم ، فأنكر القاضي بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة في صحة هذا الكتاب ، وطلب بشهود فاستقدموا ابن الأثير فلم يشهد فقد أجاب بالنفي عن تنازل السلطان فنخزه المماليك بالسيوف سرا ولكنه أصر على شهادته أمام قاضي القضاة ، ثم عقدوا اجتماعا بدار النيابة حضره المؤرخان بيبرس الدوادار وابن أيبك قرروا فيه استنادا للكتاب المزور أن الناصر تنازل عن الملك . وقرروا اختيار الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير سلطانا ، وهو من المماليك البرجية ( الشركس) . ولقبوه بالملك المظفر ، وخطب له في مصر ، في سنة 708هـ 1309م ، ثم كتب الملك المظفر للناصر محمد تقليدا بالكرك ، ومنشورا بما عين له من الاقطاعات ، في شرقي الأردن .
وقد أعلن الناصر محمد الثورة من الكرك وعاد للسلطنة للمرة الثالثة .فبعد أن استقر الناصر محمد بالكرك أمر المماليك البحرية بمغادرة القلعة والتفرق بالبلاد فسكن قسم منهم في مؤتة . وانشأ دارا للعدل في الكرك كان يحضرها بنفسه .
وفي دمشق أعلن القاضي الحنبلي تقي الدين سليمان امتناعه عن إثبات الكتاب المزور بتنازل الناصر حين طلب منه جمال الدين آقوش الأفرم إثباته ، فعزل القاضي من منصبه ، وفي حلب استنكر نائبها الأمير شمس الدين قراسنقر المنصوري سلطنة المظفر ارجاشنكير ، وأرسل إلى نائب حماة ونائب طرابلس للاجتماع فاجتمع النواب الثلاثة في حلب وقرروا تأييدهم للملك الناصر وتأييده لاستعادة عرشه ، ورفضوا الحلف للمظفر . وقال الناصر لمن حمل اتفاق نواب الشام الثلاثة عدا دمشق قال :
كن جريرا إذا رأيت جبانا ==== وجبانا إذا رأيت جريرا
لا تقاتل بواحد أهل بيت ===== فضعيفان يغلبان قويـــا
ثم قال: " لن يتأتى لنا الأمر إلا بحسن التدبير والمدارة والصبر على الأمور ". ونصح النواب الثلاثة بأداء اليمين للمظفر بنية الغصب والقهر .
فأرسل السلطان الجديد للناصر أن يرسل له الأموال الموجودة في الكرك ويرسل المماليك والخيل إليه في مصر ، فأرسل إليه مائتي ألف درهم ، وخطب له بجامعي مدينة الكرك وقلعتها ، وأرسل إليه الجتر( المظلة أو القبة ) والعصائب وشعار السلطنة ، وذلك لتهدئة النفوس . واستكان واخذ يتظاهر بالصيد وهو يخفي الاستعدادات العسكرية ، وعندما هدده السلطان اخذ يستعد علنا للمواجهة .
وقد جاءت الوفود من أهالي الكرك وعربانها وأهالي شرقي الأردن إلى الملك الناصر في الكرك ، فبدا بإرسال الكتب لنواب الشام في دمشق وحلب وحماة وطرابلس وصفد يطلب منهم النصرة ضد المظفر ، وذكر لهم أن المظفر ينوي أن ينفيه إلى القسطنطينية ، وراسل أمراء المماليك في مصر ممن يثق فيهم حملها عربان الكرك إليهم .
وكانت الأحوال في مصر سيئة بعد أن تغير المظفر مع الأمراء واخذ يشك فيهم ، ففي أوائل سنة 709هـ 1310م لحق المؤرخ النويري بالناصر محمد في الكرك ، ثم تسلل مائة وستة وثلاثون من المماليك السلطانية بالقلعة والقاهرة وخرجوا إلى الكرك بخيلهم وهجنهم وغلمانهم ، منهم الأمير سيف الدين نغيه وعلا الدين مغلطاي ، ولما بلغ ذلك المظفر جن جنونه ، فأرسل بأثرهم قوة بقيادة الأمير شجاع الدين سمك أخي سلار ولكنه لم يجرؤ على الاقتراب منهم ، فوصلوا إلى الكرك . فكتب المظفر إلى الناصر محمد يتوعده طالبا إعادة المماليك إليه ما خمسين فقط وقال له : " وان لم تسيرهم ، سرت إليك وأخذتك وانفك راغم " .
وأعلن الناصر محمد الثورة في الكرك على السلطان المظفر بيبرس الجاشنكير، وأمر بالدعاء لنفسه على منابر الكرك وأعمالها ، وأرسل إلى نواب الشام نيته للسير إلى دمشق . وفي نفس الوقت رد الناصر على كتاب المظفر أن منع المماليك من دخول القلعة ، وقال له في نهاية كتابه : والمملوك ينتظر الأمان والجواب ، فافعلت الرسالة لدى المظفر فعل السحر . وهدأت الأحوال .
وكتب الناصر لنواب الشام جميعا وأمير العرب حسام الدين مهنا وامراء القدس ودعاهم للمسير معه ، واتجهت الأنظار إلى الكرك التي خطفت الأضواء من دمشق والقاهرة ، وبدأ أمراء دمشق يخرجون خفية إلى الكرك ، وخرج الناصر محمد من الكرك في رجب 709هـ كانون الأول 1309م باتجاه دمشق ، مرورا ببركة زيزياء ثم إلى البرج الأبيض ( مرج الحمام ) من أعمال البلقاء ، فأرسل والي حسبان بطاقة بواسطة الحمام الزاجل يخبر فيها الأفرم نائب دمشق بخط سير الناصر وإقامته في البرج الأبيض ، فأرسل الأفرم إلى الناصر يتوعده ، ثم سار إلى رحاب بين المفرق ودرعا ، فقدم إليه أمراء دمشق ، فيما أرسل الأفرم تجريدة إلى الزرقاء لملاقاة الناصر ، وسير الناصر هلال بن ساعد الزبيدي أمير عرب آل زبيد إلى البلقاء لمراقبة أعوان الأفرم النازلون بحسبان وقرب الزرقاء ، فأرسل إليهم الناصر الأمير نغية في خمسين فارسا لضرب رقابهم إذا امتنعوا عن الطاعة ، فطوقهم وأمنهم فصحبوه إلى ارحاب فدخلوا بطاعة الناصر صاحب الكرك وبايعوه بالسلطنة ، ثم سار الناصر إلى اذرعات وحوران وبذلك انضم جميع أهالي شرقي الأردن وحوران للناصر وسار بهم إلى دمشق ، فعرض المظفر على الناصر البلقاء وحوران والكرك أي كامل إمارة الكرك الأيوبية إقطاعا للناصر شريطة أن يتخلى عن نواياه العدوانية ، ثم انتقل الناصر إلى الخمان ، ورفض كل العروض من الأفرم والمظفر ، ثم سار إلى دمشق بعد أن عاد إلى الكرك يستوثق عدم مهاجمتها من قبل قوات المظفر ثم توجه إلى البرج الأبيض في البلقاء فجاءه فيها أمراء دمشق فجعل من قطلوبك استادارا له ومن الأمير بهادر حاجبا ، ثم سار إلى دمشق ، فلما وصلوا هرب الأفرم . ودخل الناصر محمد دمشق في 17 شعبان 709هـ 20 كانون الثاني 1310م ودعا له المؤذنون في المآذن . واستقبل استقبالا كبيرا وفرشت الأرض بالحرير ، وغنت له المغنية "ضيفة" الحموية :
ولقد نذرت بان رايتك سالما ==== ونظرت وجهك أن أصوم شهورا
حذرا عليك من الزمان وغدره === حتى تعود مؤيدا منصورا
فقدمت جيوش صفد وحلب وطرابلس وحماة والقدس ، وأرسل الناصر أمانا للافرم ، فقدم دمشق مطيعا ، وتركه في نيابة دمشق .
وكان السلطان الملك المظفر قد سد السبل المؤدية إلى الكرك منعا لأمراء المماليك من الانضمام إلى الناصر محمد ، وعندما بلغته الأخبار بحركة الناصر في دمشق ، أرسل أربعة آلاف فارس بقيادة خمسة أمراء من مقدمي الألوف لمحاربة الناصر . فخرجوا من مصر ولكن معظم من اشترك فيها من الأمراء والعسكر أعلنوا العصيان على المظفر وساروا إلى الكرك وانضموا للناصر محمد ، فاسقط في يده ، وعندما طلب المشورة أشاروا عليه بالتنازل عن السلطنة ، فاستجاب لهم وخلع نفسه واشهد على ذلك ، وأرسل إلى الناصر في دمشق يسأله العفو والأمان ، وان يهبه حصنا يقيم فيه . وكان قد خرج الناصر من دمشق بكامل جيش الشام متوجها إلى مصر ، وقابلته قوات السلطان في شمالي شرق الأردن فانضمت إليه ، وعندما وصل إلى غزة تلقى وثيقة تنازل المظفر عن السلطنة مع المؤرخ بيبرس الدوادار . فقرر الناصر إقطاع المظفر قلعة صهيون ، ووصل إلى قلعة الجبل في القاهرة في مستهل شوال 709هـ 4 آذار 1310م ، فقام على الفور بالتخلص من الأمراء المعارضين له فشتت شملهم وسجن بعضهم ، فهدأت الأحوال وقد كان عهد الناصر محمد أطول عهود السلاطين المماليك على الإطلاق وأزهى عهودها حضارة وتقدما .





  • 1 عبدالرحمن الحمود الدهام 10-05-2018 | 09:33 PM

    اخي الفاظل جزاك الله خيرا و ارجو منك المصدر الذي ورد فيه ذكر هلال بن ساعد الزبيدي
    وشكرا لسعة صدرك


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :