حل لغز الحزب المدني بحل الجماعة
بسام الجرايده
23-04-2012 03:26 AM
من يتابع السجال الذي يجري على الساحة الوطنية بين انصار الدولة المدنية وأنصار الدولة الدينية يقع في حيرة فالمجتمع الاردني لم يحسم طبيعة العلاقة ما بين الدين والدولة المدنية , فالتعديل الذي ادخله مجلس النواب مؤخرا على قانون الاحزاب السياسية والذي بموجبه حظر انشاء الاحزاب السياسية على اسس دينية او طائفية او عنصرية يأتي في مأسسة المصطلحات المدنية, وهذا التعديل اثار ردات فعل غير مسؤوله من لدن الحركة الاسلامية وكأنها المستهدف الاول من هذا التعديل علما بان هناك احزاب اردنية اخرى ترفع شعار الحزب الاسلامي (حزب الوسط الاسلامي) لكنه لم ينفعل كما انفعل حزب جبهة العمل الاسلامي.
فالحزب السياسي هو مصطلح مدني لاديني بالمعنى التعددي وليس الاحادي والاسلام هو دين لا دولة ومن يقول ذلك فهو مجافي للحقيقة , فالرسول العظيم محمد-صلى الله عليه وسلم- لم ينشىء دولة بالمعنى السياسي المعاصر بل ترك امرها الى المجتمع والجمهور بدليل ان فلسفة الحكم في الاسلام تنطلق من مبادىء عامة وعلى رأسها الشورى والحرية والمساواة والعدل, وهذه المبادىء العامة تعود الى رأي الامة فهي التي تقرر شكل الدولة ان كانت مدنية بالمطلق ام دينية شمولية.
وبما ان الاغلبية الساحقة من الشعب الاردني هم مسلمون فلماذا يتباهى البعض بشعارات اسلاموية لا تعبر عن روح الاسلام وانما عن افكار سياسية لا اكثر ولا اقل ,بعبارة اخرى ان أي يافطة كانت سياسية ام دينية ام طائفية هي تعبر عن رأيها الفكري ولا تعبر عن رأي الاسلام لان الاسلام هو دين رحمة ومحبة وعدالة , يحتوي ويحتضن جميع الطوائف والاحزاب السياسية فالمراقب السياسي يصاب بالدهشة والصدمة لتصريحات بعض امراء الاسلام السياسي فمثلا حينما يصرح زعيم التيار السلفي الاردني الطحاوي بان الدخول في البرلمان والحكومة هو كفر, هل هذا يعبر عن الاسلام ام ان زعيم هذا التيار يملك شرعية لاصدار احكام نيابة عن الله وعن الاسلام نفسه
الجواب كلا , كما ان حزب عقائدي واضح الطريق والمعالم والنهج لم يغير خطابه منذ ان ظهر الى حيز الوجود وهوحزب التحرير الاسلامي الذي يؤكد في ادبياته بان الديمقراطية والاشتراكية والوطنية كفر فهل حزب التحرير وصي على الامة ام هو ناطق عن الاسلام والجواب كلا فهذا حزب سياسي يؤمن بالشمولية الدينية أي انه حزب ديني بالمطلق لا يؤمن الا بالتعددية الدينية فقط.
الاخوان المسلمون في ادبياتهم ومناهجهم وعلى رأسهم الامام حسن البنا نبذ بالمطلق الحزبية ونبذها من حيث انها مفتتة ومفرقة للامة ووضع بديلا عن مصطلح الحزب وهو مصطلح الجماعة,فالاخوان المسلمون هم جماعة من جماعات المسلمين حسب قوله, وهذه الجماعات مسيسة وتختلف سياستها الدينية من جماعة الى اخرى.
ما اريد ان اصل اليه بانه لا يوجد في الاسلام احبار وكرادلة جدد تحت مسميات فقهاء السلطان ام فقهاء احزاب او جماعات او طوائف ,فالإسلام هو دين عالمي جاء لإخراج الناس من الظلمات الى النور, وبذلك فالاسلام الغى مبدأ الوصاية على الانسان تحت أي عباءة من منطلق قول الحق "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر... " وقوله تعالى : "لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"
فتصريحات حزب جبهة العمل الاسلامي والبيان الذي اصدره الحزب لا يخولهما بان يكونوا اوصياء على الامة الاسلامية لا بزيارة المسجد الاقصى و لا هم اوصياء على الاسلام نفسه فحينما يحظر التشريع الذي صدر عن مجلس النواب لا يعني ان الاخوان المسلمون هم المستهدفون انما هو انسجام حقيقي مع الاسس العقلانية للدولة المدنية ولذلك فان ردات فعل حزب جبهة العمل الاسلامي يعطي اشارات للانقلاب على الدولة المدنية وهذه الدولة تبدأ من حظر انشاء احزاب دينية وفصل السلطة السياسية عن السلطة الدينية, ومن يتابع مواد الدستور الاردني مادة مادة لا يجد مكانا للتفكير الديني بالمطلق بالرغم من ان المادة الثانية اعتبرت ان الاسلام دين الدولة وليس دين و دولة من منطلق ان المسلمين هم اغلبية المجتمع لكن مواد الدستور الاردني خرجت من معطف الدساتير الغربية التي انطلقت من وحي وثيقة حقوق الانسان.
وهنا نسأل اسلاميو الاخوان المسلمون لماذا سمحت السلطات الاردنية بالسماح لكم بالعمل السياسي وحرمت ذلك على حزب التحرير الاسلامي واعتبر بأنه غير مشروع لان الحزب ينطلق من منطلقات دينية نصية بحتة وليس من منطلق ديني وعلماني.
انتم اعلنتم يا ايها الاخوان المسلمون بإمكانية زواج المتعة ما بين الدين والدولة وهذا يعني انكم (نص كم دين ونص كم علمانية) فالدولة المدنية هي افراز علماني لا ديني فلماذا الاخوان المسلمون يصرون على الخلط ما بين الاسلام كعقيدة وتشريع وبين حزبهم السياسي ويقولون بأنهم حزب اسلامي ديني فإنني أدعو الدولة لمساواتهم مع حزب التحرير فهو حزب ديني يدعو الى تطبيق الخلافة بشتى الوسائل ولكن ليست الديمقراطية من هذه الوسائل, فاعتراف الاخوان بجزئية من جزئيات الديمقراطية لا يعني الايمان المطلق بالديمقراطية , فالملكيات الدستورية هي افراز مدني جاءت لتحنيط حكم الدين ورجاله والاسلام بطبيعته الكلية لا يعترف بالنظم الملكية بدءا من الملك الاول معاوية وانتهاء بآخر ملوك الطوائف , كما ان الاسلام لا يوصف بانه اشتراكي مع ان روح الاشتراكية موجودة في قلب الاسلام "العدالة الاجتماعية" كما ان الاسلام لا يوصف بانه راسمالي علما بانه قريب من الخطاب الراسمالي
اذا اراد الاخوان المسلمون في الاردن ان يكونوا جزء من الدولة المدنية فعليهم اولا الامتثال ما جرى عندما انخرطوا تحت مسميات حزب التنمية والعدالة في تركيا اولا والمغرب ثانيا ومصر ثالثا وهذا الذي دفع بمداخلة النائب ممدوح العبادي برفع حظر الاحزاب الدينية اسوة مع الاخوة المصريين ولذلك انصحهم ان يغيروا شعاراتهم الدينية وهي بالاصل سياسية بدا من حزب جبهة العمل الاسلامي واجتماعيا المستشفى الاسلامي , وجمعية المركز الاسلامي وهنا نطرح السؤال التالي : هل هذه المؤسسات تعود ملكيتها للمسلمين في الاردن ام لحزب سياسي يختبىء خلف مظلة الاسلام؟ , ولذلك فمن حق المسلمين في الاردن ان يكون لهم نصيب في مشاريع الاخوان المسلمين السياسية والاجتماعية مصداقا لقول الرسول العظيم" الناس شركاء في ثلاث الماء والكلاء والنار" اليست المنافع العامة مثل المستشفيات والمدارس هي منافع عامة يحق لكل مسلم اردني ان ينتفع بها ويحق له ان يكون له نصيب منها والاهم من ذلك نريد جوابا شافيا من مطبخ الدولة ما دام للاخوان المسلمين حزبا مدنيا فما شرعية جماعة الاخوان المسلمين برمتها ولذلك فان الخروج من هذا المأزق القانوني والاخلاقي بان يكون الحل بحل الجماعة والانخراط فورا تحت مظلة الحزب المدني الديمقراطي وإلا فان الدولة تنظر بمقياسين للاحزاب الاسلامية الاخرى مثل حزب التحرير وحزب السلفية والصوفية والدعوة والتبليغ والاحباش لاحقا وهناك توجه لتأسيس احزاب عرقية (الشيشان والشركس) ودينية (كحزب مسيحي) فالدولة الاردنية دولة مدنية لا دينية ان اردنا ان نخرج من نفق الظلام الى ساحات النور والتنوير. ومن هنا فالنظام السياسي الاردني فهو نظام سياسي برلماني ديمقراطي وليس اسلامي كما يتوهم الاخوان الجدد!!!..