اجتهاد في تفسير المادة (67) من الدستور **فخري إسكندر الداوود
23-04-2012 01:21 AM
كثر الحديث بين مختلف طبقات الشعب الأردني من السياسيين والقانونيين والمهتمين بالشأن العام والشأن الانتخابي وذلك بمناسبة النقاشات التي تدور حول مدى دستورية قانون الانتخاب المنوي إصداره إذا تم الأخذ بمبدأ الانتخاب بطريقة القائمة المغلقة أي ان الناخب يمنح صوته لمجموعة من المرشحين المؤتلفين والمنضمين في قائمة واحدة وبالنهاية يفوز عدد من هؤلاء المرشحين داخل القائمة حسب ما تحصده القائمة نسبياً من أصوات الناخبين وحسب موقع المرشح الرقمي داخل القائمة وبالعودة إلى فقرة (أ) من المادة (67) من الدستور الأردني التي تقول (يتألف مجلس النواب من أعضاء منتخبين انتخاباً عاماً سرياً ومباشراً...)
فالفقرة تتحدث عن انتخابات عامة وسرية, وهذا واضح وجلي ولا خلاف عليه, والخلاف ينصب على كلمة (مباشراً) فما المقصود بها?!.
يتحدث فقهاء القانون الدستوري على أن الانتخابات إما أن تكون مباشرة, وهو أن يقوم الناخبون أنفسهم بانتخاب أعضاء البرلمان من بين المرشحين دون أي واسطة من أشخاص آخرين, أي أن الانتخابات على درجة واحدة ما دام أن الشعب قام بانتخاب ممثليه بدون وساطة أحد.
وهناك الانتخاب غير المباشر, ويقصد به أن جمهور الناخبين يقتصر دوره على مجرد انتخاب مندوبين عنهم بحيث يقوم هؤلاء المندوبون بمهمة اختيار أعضاء البرلمان من بين المرشحين.
والحقيقة أن الانتخاب غير المباشر لأعضاء البرلمان اختفى أو في طريقه إلى ذلك من العالم كله على ما أعتقد.
وكانت تأخذ بهذا المبدأ الدول الناشئة ديمقراطياً ومحدودة الثقافة والتعليم حيث يقوم الناخبون باختيار من هم أكفأ منهم وأكثر دراية وخبرة ومقدرة على اختيار نواب الأمة.
فالأردن اخذ بهذا المبدأ عند تأسيس الإمارة (أي مبدأ الانتخاب على درجتين) وقد كانوا يطلقون عليها الأردنيون من الرعيل الأول (الثانوية), وكلمة الثانوية تعني أن دور المندوب الذي ينتخب عضو البرلمان هو دور محدد وغير أساسي ولذلك أطلق عليها مسمى الثانوية, إلا أن هذه الطريقة قد ألغيت بالدساتير الأردنية اللاحقة بعد تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية.
والحقيقة أن المقصود بكلمة مباشراً بالفقرة (أ) من المادة (67) من الدستور الأردني تخاطب جمهور الناخبين, أي أن الدستور أعطى المكنة للناخب باختيار من يمثله بالبرلمان مباشرة وبدون وساطة أحد سواء كان النظام الانتخابي بالقائمة المغلقة أو القائمة المفتوحة أو الاقتراع الفردي... إلخ. حيث كلمة مباشراً تعود على الناخب الذي باشر حقه الانتخابي بنفسه وليس عن طريق شخص آخر وليس المقصود بها اختيار شخص أو أشخاص محددين.
وأخيراً, لا أعتقد أن هناك أي شبهة دستورية فيما إذا أخذ قانون الانتخاب أو النظام الانتخابي المنوي تشريعه وإصداره بطريقة الاقتراع بالقائمة المغلقة.
المحامي الداوود/ نائب سابق.