إبطال الحق الدستوري .. المحامي محمد غالب أبو عبود
mohammad
22-04-2012 12:32 PM
درجت الألسنة والأفهام على ما أصبح يشبه المثل الشائع وهو ( كلمة حقٍ يراد بها باطل ) وهذا ما يقال بوصف كل من يسيء إستخدام الحق بحيث يجيّر هذا الاستخدام لمصلحة الباطل.
ولعل هذا ما يمكن ان توصف به التفلتات النيابية على بعض وزراء الحكومة بإساءة استخدام حق طرح الثقة بأيٍ من الوزراء.وأنا هنا لست بصدد الدفاع عن الحكومة أو أيٍ من وزرائها في مواجهة مجلس النواب العتيد بل أدعو إلى ضرورة فهم وحسن استخدام الحقوق التي منحها الدستور الى أعضاء مجلس النواب.
فالدستور هو الوثيقة الضامنة لحقوق الشعب وسلطاته الثلاث،والحقوق التي يمنحها للنواب يجب أن تستخدم لمصلحة الشعب لا للمصالح الشخصية لحضرات النواب.
وفي الحق الدستوري الذي نحن بصدده نصّت المادة 54/1 من الدستور(تطرح الثقة بالوزارة أو بأحد الوزراء أمام مجلس النواب) ولا بد من الاشارة الى أن هذه المادة يجب أن ترتبط بالمادة 51 من الدستور والتي نصّت(رئيس الوزراء والوزراء مسؤولون أمام مجلس النواب مسؤولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة كما أن كل وزير مسؤول أمام مجلس النواب عن أعمال وزارته).واللجوء السريع الى طرح الثقة بالوزير يوحي بعدم التدرج في استخدام الحقوق إذ أن هذا الحق يسبقه في التدرج حق السؤال وحق الاستجواب المنصوص عليهما في المادة 96 من الدستور.
فقبل عدة أيام تقدم أحد النواب ومعه عشرة من زملائه أو أكثر قليلاً بطلب حجب الثقة عن أحد الوزراء سنداً لنص المادة 53/1 من الدستور مسبباً هذا الطلب بتجاهل الوزير للمجلس وتعامله السيء مع النواب.
والمثير في هذا الطلب هو تلك الفوضى التي اعترته فنحن لا نعرف كيف تجاهل الوزير المجلس،ولا كيف أساء معاملة النواب،ولا نعرف السبب الحقيقي الذي يختفي خلف تقديم هذا الطلب،ولا نعرف لماذا سحب بعض النواب الموقعين عليه تواقيعهم،ولا نعرف لماذا تراجع مقدم الطلب وحاول سحبه بعد كل ذلك،ولماذا أُضيع وقت المجلس بحيث تحدث في هذه القضية الهامة جدّا أربعون نائباً؟
لا أريد أن اتحدث عن نتيجة التصويت على طرح الثقة بالوزير فهذا أمر لا يعنيني ولكن الذي أودُّ الاشارة اليه هو غياب 39 نائباً !!
لا خلاف على أن طرح الثقة بالحكومة أو أحد وزرائها هو حق دستوري لمجلس النواب بل هو من أصول العمل النيابي ولكن الذي لا يجب أن ينساه المجلس أن هذا الحق مقيّد بالمصلحة العامة والسياسة العامة للدولة.وأن أي حق دستوري كان أو قانوني لا يجوز إساءة استخدامه.
ومع احترامنا للمقام الاصيل الذي يجب أن يكون عليه مجلس النواب فاننا نذكّر بالمقام البديل الذي فرضه السلوك النيابي بحيث لم يعد هناك من لا يستطيع تجاهل مجلس النواب.ولعل اساءة استخدام الحقوق الدستورية التي منحت للنواب هو الذي دفع معاليه_على حد زعم النائب_ الى الاساءة للنواب.
ونحن نتسأل هل يتهم المجلس العتيد الحكومة بالوقوف وراء رفض مجلس الاعيان للمشروع الوطني جداً والمتعلق بحصول النواب على الجواز الاحمر والتقاعد مدى الحياة؟
إن هذه التهمة اذا صحّت-لا سمح الله- لا شك ستكون طامّة وطنية كبرى لان وقوف الحكومة حائلاً دون مكافأة النواب على منجزاتهم الجليلة هي لا شك غيرةُ وحسدُ السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية.
لا أجد غير هذه السخرية لكي اتعاطى مع هذه الحالة التي اختلط فيها الحابل بالنابل ولم تعد قابلة للاحتمال تحت اي ظرف. فالسادة النواب أولوا المنجزات التي يعرفها الشعب كله دأبوا بسبب قلة العمل على تطريز طلبات ومذكرات لا تنم إن نمّت الا عن حالة الفشل الذريع للمجلس والتي سبق وأن أشرت اليها في مقالات سابقة.وفي النهاية لا نملك الا أن نقول لنوابنا الكرام (أحشفاً وسوء كيله).