ملك الزمان بين الربع والعزوة في الباديتين الباسلتين
ممدوح ابودلهوم
21-04-2012 04:47 AM
[ عبدالله الثاني هو ملك الزمان وهذه الصفة السامية المنشأ العريقة الجذر والأنيقة المعنى والمبنى معاً ، هي الصفة الأقرب رُحماً والأطهر خفقاً ، إلى ما في أعطاف الأردنيين علمائهم وعوامهم على حد سواء ، من حبٍ انعتاقي ضارب في سابع أعماق الأرض العربية الأردنية الهاشمية ، التي لم ترَ قبل آبائه وأجداده هواشم آل بيت النبوة الغر الميامين ، عدلاً بعدلهم وطهراً بطهرهم ووسطيةً بوسطيتهم ، فتسامحاً من ثم بتسامحهم ووفاءً بالعهد للمرجعيتين العروبة والإسلام بعهدهم ، وذا ملك الزمان عبدالله الثاني وارث رسالتهم وحامل رايتهم وحافظ أمانتهم الأنموذج القدوة والنبراس ..
ملك الزمان أجل الذي كانت جدتي رحمها الله تجمعنا قبل نصف قرن من الزمان ، حول مدفئة الغلابى أي منقل الفحم في مساءات تشرين الباردة ، تقص علينا روايات عن بطولات ملك الزمان هذا في أخبار الأولين ، وهي روايات لا نراها بل نتخيلها عن أمجاد ملكه وعدل حكمه وخروجه متخفياً في عتم الليل ، متفقداً أحوال رعيته ومنهم بخاصة الفقراء والمعوزين ، فأقارن في ذاك الأمس البعيد طفلاً وصبياً ثم أقارب في الأمس القريب شاباً ورجلاً ، أما اليوم وقد خط الشيب مفرقيَّ وغطى سهوب رأسي بعد إذ أورق فيّ شجر الستين ، فأقرأ ، وعبدالله المفدى في ذات المشهد القرشي الأجل الذي توزع بين سويداء القلب وفروة الرأس ، في السيرتين لملك ذاك الزمان على لسان جدتي في مخيال الصبي الذي كنتهُ ، وسيرة ملك هذا الزمان عبدالله الغالي الذي يبني أردن الحاضر والمستقبل الذي يريد ونريد ، وإليه يطمح ونطمح بأن يكون بسمةً على كل شفة ومحجاً تشد إلى هاشميته الرحال ..
اصطفت ، بعدُ ، تقدمتي الشفيفة أعلاه بوحيٍّ توزعت تجلياته بين نستالجيا الطفولة وراهن الشيخوخة ، فرحتُ ، وقد دانت الملائح ولانت السوانح ، أدبج هذه الوجدانيات الانتمائية على شريط الهامة الشامخة اليوم بالفعل العبدلي العظيم ، قبل أن أغمس من مداد حبّة القلب وماء العين ، كي تنتظم على سطور هذا الأديم الورقي الناعم ، وأنا أتابع ، بالقلب والعقل قبل العينين ، قراءةً في الصحف ومشاهدةً على الشاشات ، ترحال شيخ الحمى وقائد الركب المتواصل في داخل الوطن ، يتفقد أحوال الأهل والعزوة أبناء عشائره الأكرمين ، الذين قالوا له بمباشرة بدوية شفيفة وعفوية ما يَجُبُّ أي تنظير وقولان ، بأن البيعة أبدية قائمة ودائمة وأنت يا سيدنا اقتصادنا واصلاحنا (ومزون جلالتك بخير حنا بخير) ..
إلى ذلك أيضاً وتوكيداً على عمق الرابط وقدسية الوشيجة بينهم وبين قائدهم المفدى ، راحوا يقدمون لجلالته ما يرمز إلى مسلمات هذا الولاء العظيم وثوابت هذه البيعة الأبدية ، ما أقدس تجلياته يتمثل في إهدائهم جلالته المصحف الشريف ، فضلاً عن هدايا أخرى دلالاتها لا أعمق ومعانيها لا أعرق كالعباءة والسيف والبندقية ، بينما كانت هتافاتهم تصل عنان السماء تضرعاً ولاءً وعشقاً (بالروح بالدم نفديك يا أبو حسين) ، وبأن (هاذي سيوفنا وحنا سيوفك على من يعاديك) حتى ولكأن كل أصيل فيهم قال (حنا عصاك اللي ما تعصاك) ..
للجولة الملكية هذه ، خلوصاً ، غير دلالة وأكثر من معنى أجزم بأن الإسهاب في تجلياتهما العظيمة ، يكاد يرقى إلى درجة الفريضة على هذا القلم الملتزم بذات الرصد الباسل ، والذي يحتشد اليوم قصاراه كي ينقل تدبيجاً بهاءات لقاء المليك بعشائره الطيبين ، وعليه وانصياعاً لشروط هذا الركن الموقر أقف عند هذا الحد المتواضع ، لكن على أمل أن أواصل بتراخي الأيام وسماحة (الرأي) في مقال قادم .]