من أين لك هذا .. هل ينجزه البرلمان؟
سلطان الحطاب
21-04-2012 04:20 AM
لف كثيرون من المسؤولين وداروا حول انجاز قانون من اين لك هذا . ولكنهم لم يستطيعوا ان يوصلوه ليكون قانونا ويكون نافذا ويكون له رجل يمشي عليها ويد يفتش بها
اما تعبير من اين لك هذا فقد ورد في سؤال النبي اسماعيل لوالده ابراهيم عليه السلام حين طلب الاب من ابنه قائلا: ابغني حجرا اضعه ها هنا يكون للناس علما يبتدون منه الطواف فذهب اسماعيل يطلب لأبيه حجرا ورجع وقد جاءه جبريل بالحجر الاسود فقال اسماعيل يا ابتي من اين لك هذا ... الخ ..
واذا كانت الحكومة تريد ان تمرر للبرلمان مشروعا لاقراره تحت هذا الاسم ولمضمون اساسه المساءلة فان مكونات سؤال من اين لك هذا هي نتاج جمع اسئلة ملايين الاردنيين باتجاه من اين لكم هذا.. وهو السؤال الذي يصلح للطرح في معركة الحرب على الفساد ليتم ذلك بواسطة القانون ومن خلال التسلح به لا ان تبقى الاسئلة رجما بالغيب وصرخات في مهب الريح ..
قانون من اين لك هذا ان انجز وادرج في التعامل ووجد من يحميه فانه ثمره من ثمار الاصلاح السياسي والاقتصادي ايضا..وأعتقد انه يشكل اداة مناسبة لاجلاء الغموض وايضاح الهوية المالية وحجمها لكل مسؤول حين يبدأ الدخول الى المسؤولية والى أن ينتهي منها وبالتالي سهولة قياس المسافة التي قطعها وحجم المال الذي طرأ عليه واعتقد ان كثيرا من الدول المتقدمة تمتلك المعايير والوسائل لذلك وهذه الوسائل تعمل بصورة تلقائية دون الحاجة الى عناوين او الاختباء وراء عناوين..
قد لا يفيد ان يطرح القانون ولا يطبق وان يلد هذا القانون بدون اسنان أو قرون استشعار شأن قوانين عديدة لها علاقة بسياقات محاربة الفساد..
ان هذا القانون يشكل مفتاحاً للدخول الى ساحات ظلت مغلقة عن المساءلة ..والا كيف نفهم ان موظفاً ايا كان موقعه في الوظيفة من أصغرها وحتى أكبرها وأعلاها يحوز ثروة بالملايين ولا تقع عليه أسئلة عن ثروته؟..
يمكن ان نفهم غنى وثراء من يعملون خارج الوظيفة العامة والرسمية وهؤلاء لا بد أن يخضعوا لقانون الضريبة كما في دول العالم..لكن ان يثري كثير من الموظفين العموميين والوزراء ورؤساء الوزارات بأموال طائلة دون أن يعملوا في القطاع الخاص أو أن يرثوا أموالاً..وحتى لو ورثوها فإنها لا تطاول بنسبة قليلة مما في حوزتهم..
جرى الحديث عن هذا القانون طويلاً..وهناك من تبرع ان قدم كشوفاً لممتلكاته قبل النيابة والوزارة والعينية أو الوظيفة العامة الاساسية وهناك من «طنش» ذلك وتجاوزه ولم يرغب ان يفعل..ولم تكن المساءلة حتى الان قائمة وترك الأمر للتطوع وهناك من تباهى بالاعلان لأنه يدرك أن لا محاسبة ولا تصحيح لخطأ أو فساد..
لن تكون لمسيرة الاصلاح السياسي أو الاقتصادي وانجاز القوانين الناظمة لذلك اثرها المباشر ما لم يكن قانون من أين لك هذا في مقدمتها وصدارتها وما لم يصبح مقياساً وميزاناً للافراد الداخلين الى الوظيفة والخارجين منها..فالمساءلة هي «الجرح والتعديل» للسمعة المالية التي تواجه المسؤول ولسنا بحاجة الى رواية الكثير من الامثلة والقصص عن مسؤولين ليسوا من بلادنا طالتهم المساءلة على مئات الدولارات وليس الملايين ودفعوا ثمن حياتهم السياسية والوظيفية ..
لقد تأخرنا كثيراً من انفاذ مثل هذا القانون ورزمة القوانين التي تصنع آليات المساءلة بدقة وشفافية وبعيداً عن الارتجال ولم يكن التأخير بريئاً فقد لعبت قوى سياسية واجتماعية واقتصادية دوراً في هذا المجال..فهل ما زال الوقت والبيئة العامة يسمح بذلك؟ أم أن الوقت حان لينتصب قانون من اين لك هذا لينجز المساءلة التي تمنع الفساد والمخالفة والاعتداء على المال العام أو استثمار الوظيفة وسوء الائتمان وغير ذلك من ممارسات عديدة صنعت بيئة الفساد واخصبته..
alhattabsultan@gmail.com
الراي